رؤى

رؤى: دستور تونس الجديد، من درء «الخطر الداهم» إلى تغيير نظام الحكم

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: الرمضاني، مسعود (2022). رؤى: دستور تونس الجديد، من درء «الخطر الداهم» إلى تغيير نظام الحكم. رواق عربي، 27 (2)، 45-53. https://doi.org/10.53833/FSCD8081

لم تكن الإجراءات التي اتخذها قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو 2021، والتي جمّد بمقتضاها أعمال البرلمان وأقال الحكومة المنتخبة وبدأ تسيير دواليب الدولة عبر المراسيم، اعتمادًا على تفسير متعسّف للخطر الداهم المذكور في الفصل 80 من دستور 2014، سوى بداية مسار أحادي تلته استشارة إلكترونية وطنية تتضمن أسئلة موجهة، وانتهى باستفتاء على دستور يؤسس لنظام حكم فردي يغيب فيه التوازن بين السلطات، ولا يضمن الحريات الأساسية.

وجاءت نسخة دستور الخامس والعشرين من يوليو 2022 مفاجئة، حتى لأساتذة القانون الذين كلفهم قيس سعيد بصياغة مسودتها. وبينما نقح الرئيس النسخة الأولى التي أصدرها بتاريخ الثلاثين من يونيو 2022، بتصحيح بعض الأخطاء اللغوية والتركيبية وإضافة وتوضيح عديد النقاط، فإن النسخة المعدلة لم تنه الانتقادات، كما لم تبدد المخاوف؛ بسبب الصلاحيات المطلقة التي منحها قيس سعيد لنفسه، وغموض بعض الفصول التي يمكن تأويلها وفقًا لهوى صاحب السلطة، أي رئيس الدولة. وكذلك بسبب الخشية من تركيز الدولة الدينية، والتي أثارها الفصل الخامس بذكره تبعية تونس «للأمة الإسلامية» ودور «مقاصد الإسلام» في التشريع، وهو فصل وصفه العديد من الخبراء بالخطير، واعتبروه «قاصمة للظهر بالنسبة للخط الوطني التونسي» المستنير؛[1] إذ أن الأمة الإسلامية التي يتحدث عنها سعيد في خطبه العديدة ودستوره «ليس لها وجود سوى في المخيال الجمعي».[2]

«الخطر الداهم» مطية لإرساء الحكم الفردي

في الثالث والعشرين من أكتوبر 2019، وفي أعقاب فوزه الساحق على منافسه نبيل القروي في الانتخابات الرئاسية، أدى الرئيس قيس سعيد اليمين الدستوري، إخلاصًا للوطن واحترامًا للدستور، وذلك بمقتضى الفصل السادس والسبعين من دستور 2014. ومنذ توليه السلطة، خاض رئيس الدولة معارك عديدة مع الحكومة والبرلمان حول تحديد الصلاحيات. وفي الخامس والعشرين من يوليو 2021، استند إلى الفصل 80 من الدستور نفسه ليقيل الحكومة ويجمّد أعمال البرلمان ويرفع الحصانة عن نوابه، في قراءة متسلطة لهذا الفصل الذي ينص على إمكانية اتخاذ رئيس الجمهورية «التدابير التي تحتمها الحالة الاستثنائية»، وذلك في حالة وجود «خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها». بينما تجاهلت هذه القراءة أن الفصل نفسه ينص أيضًا على ضرورة «استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب» والتنسيق معهما وإبقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم، فضلًا عن النص على ضرورة «أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال». وقد استغل الرئيس أوضاعًا اقتصادية مزرية، وأزمة صحية خطيرة، إلى جانب نقمة شعبية على الصراعات السياسية الهامشية؛ خاصةً داخل البرلمان، الذي تحوّل إلى ساحة عنف مادي ومعنوي.

لاحقًا، وفي سبيل تحقيق المزيد من الانفراد بالسلطة وتجاوز كل القوانين، أصدر قيس سعيد، في الثاني والعشرين من سبتمبر 2021، الأمر الرئاسي 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، والذي جاء كصيرورة لمسار الخامس والعشرين من يوليو 2021، إذ أصبح يدير دواليب الدولة عبر المراسيم الرئاسية فقط.

وبعد التوقيفات المتعددة لنواب وسياسيين دون سندات قانونية، والمحاكمات المتتالية لمدنيين أمام المحاكم العسكرية بسبب انتقادهم للرئيس، وإجراءات منع السفر لنواب وسياسيين دون أذون قضائية. وإثر إنهاء نشاط الهيئات المستقلة، مثل الهيئة العليا لمقاومة الفساد، وحلّ المجلس الأعلى للقضاء المنتخب وتعويضه بمجلس معيّن، وعزل عشرات القضاة دون تهم ثابتة ودون الرجوع للهياكل التأديبية،[3] تبيّن للعديد من المراقبين أن الغاية ليست التصدي لخطر دائم، بل إرساء حكم رئاسي، يعطي لرئيس الجمهورية كل الصلاحيات، ويفرغ الساحة السياسية والقضائية من هياكل تعديلية أو سلطة مضادة، قد تحد من طموح قيس سعيد في تغيير الدستور ونظام الحكم. تغييرات أُعلنت خطواتها في «خارطة طريق» يوم الثالث عشر من ديسمبر 2021، وتحوي استشارة إلكترونية، واستفتاءً على دستور جديد، وانتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

الاستشارة الوطنية الإلكترونية تمهيدا للدستور الجديد

انطلقت الاستشارة الوطنية في غرة يناير 2022، واستمرت حتى العشرين من مارس 2022، ذكرى استقلال تونس. وقد واجهت انتقادات عديدة؛ نظرًا لطبيعة الأسئلة الموجهة و«السطحية»؛ فبحسب تصريح المولدي القسومي، أستاذ علم الاجتماع، لموقع الكتيبة: «نحن أمام استشارة لا تتوفر على مضامين الاستشارة أصلًا، بدءً من البناء المضموني لطبيعة الأسئلة والمسار الإجرائي الذي اعتمدت عليه، لأنه قام على مجموعة غير معلومة طرحت مجموعة من الأسئلة الموجهة».[4] كما تغيب الضمانات حول احترامها للمعطيات الشخصية للمشاركين، وإقصائها عددًا هامًا من المواطنين ممن لا يمتلكون شبكة إنترنت أو شريحة هاتف باسمهم. ورغم نسبة المشاركة الضعيفة التي لم تتجاوز 534 ألفًا من مجموع الناخبين الذين يتجاوز عددهم سبعة ملايين، أي ما يعادل ستة بالمئة فقط؛ فإن رئيس الجمهورية اعتبر أن الاستشارة ناجحة «رغم محاولات التشويه والتشكيك غير المسبوقة». فقد أفرزت الاستشارة الوطنية أن 86.4% من المشاركين يريدون نظامًا رئاسيًا، وهو الهدف الذي يرنو إليه قيس سعيد.

وإضافة لصياغة الأسئلة الموجهة لرغبة الرئيس، وغياب ضمانات حماية المعطيات الشخصية، باعتبار أن المشرفين على سير العملية هم مختلف وزارات الدولة وأعضاء تنسيقيات قيس سعيد الذين «تطوعوا» و«تم تسليمهم سيارات ولوحات إلكترونية وهواتف ذكية يجوبون بها مختلف مناطق الجمهورية… ويقومون بتسجيل المواطنين في تعدّ صارخ على سرية معطيات المواطنين الشخصية»،[5] فإن منظمات المجتمع المدني على غرار جمعية «أنا يقظ» قد عبرت عن «استنكارها من استغلال موارد الدولة وإهدار المال العام في سبيل إعداد استشارة وطنية صورية خدمة لمشروع شخصي لرئيس الجمهورية».[6]

في واقع الأمر، فإن العدد الضئيل للمشاركين في الاستشارة، وصيحات المجتمع المدني المطالبة بحوار وطني حقيقي متعدد الأبعاد والأوجه يفضي لحلول واقعية لأزمة البلاد، والضغوط الخارجية من أجل العودة لمسار الديمقراطية، كلها عوامل لم تثن قيس سعيد عن مواصلة طريقه في سبيل تحقيق هدف، يكاد يكون شخصيًا، ويتمثل في إرساء نظام رئاسي يخلصه من كل السلطات المضادة التي حدّت من سلطاته في فترات عديدة من رئاسته.

دستور جديد، لماذا؟

قبل تكليف لجنة استشارية لصياغة مشروع دستور، تمهيدًا لعرضه على الاستفتاء، مهّد قيس سعيد لهذا الأمر بانتقاد دستور يناير 2014، الذي صاغه المجلس الوطني التأسيسي المنتخب بعد حوار طويل مع خبراء في القانون الدستوري وفي علم الاجتماع. وبعد ضغوط عديدة من منظمات المجتمع المدني، التي فرضت على الأغلبية الحزبية، المتمثلة في حركة النهضة، العديد من الفصول التي تشير بوضوح إلى مدنية الدولة، وتضمن الحريات العامة والخاصّة، ومنها حرية المعتقد والضمير، وتنصص على المساواة التامة بين الجنسين، وتشير بوضوح لمرجعية الثورة في إرساء العدالة بين الجهات عبر التمييز الإيجابي، وبين المواطنين عبر تركيز سياسة جبائية منصفة.

وخوفًا من عودة الديكتاتورية، ودرءً لكل انفراد بالسلطة، أرسى دستور 2014، «نظامًا برلمانيًا معدلًا» يمنح صلاحيات واسعة للبرلمان المنتخب في تعيين رئيس الحكومة وسن القوانين ومناقشة ميزانية الدولة. بينما يتيح لرئيس الجمهورية صلاحيات هامة، كالإشراف على قطاعي الدفاع الوطني والسياسة الخارجية وتعيين وزيريهما.

فجأة، يوم التاسع من ديسمبر 2021، بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على إجراءاته الاستثنائية، وخلال اجتماعه بعدد من الأكاديميين المختصين في القانون الدستوري، ممن كانوا يساندون إجراءاته والمسار الفردي الذي اتخذه، قال قيس سعيد أن دستور 2014 «لم يعد صالحًا ولا يمكن مواصلة العمل به لأنه فقد المشروعية ويجب تعويضه بحل قانوني». حينها لم يوضح الرئيس سبب عدم صلاحيته إلا بالقول أنه «لا يستند إلى إرادة الشعب».[7] لاحقًا، وأثناء زيارته لمدينة قابس في الجنوب التونسي في الرابع عشر من مارس 2022، كان الرئيس قيس سعيد أكثر وضوحًا حين حمّل النظام البرلماني أسباب كل أزمات البلاد قائلًا: «لو كان (نظام الحكم) رئاسيًا لما آلت الأوضاع إلى هذا المستوى من الخراب والدمار».[8]

وبينما يتفق العديد من الخبراء والمتابعين للشأن التونسي أنه أثناء السنوات التي سبقت إجراءات قيس سعيد الاستثنائية وبعدها، حدثت أزمة حكم بسبب تقاسم السلطة بين ثلاثة أقطاب (رئاسة الجمهورية والبرلمان والحكومة)، والتي، في بعض الأحيان، تفتقد للقدرة على التواصل من أجل السير العادي لدواليب الدولة، وتفادي التوترات السياسية. فإن الوضع الحالي يؤكد أن الأزمة أعمق من مجرد توزيع السلطات وتشتتها؛ إذ يعود سببها الرئيسي لضعف الوعي السياسي لدى الأطراف الحاكمة، وعدم قدرتها على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي كانت وراء ثورة 2010-2011، مما أفضى إلى إحباط ونقمة لدى عامة الشعب.

لجان استشارية للتمويه؟

في غرة مايو 2022، كلف رئيس الجمهورية الصادق بلعيد، أستاذ القانون الدستوري والعميد السابق لكلية الحقوق، برئاسة لجنة استشارية لصياغة مشروع دستور جديد «لجمهورية جديدة» يُعرض على الاستفتاء يوم 25 يوليو 2022، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للإجراءات الاستثنائية التي اتخذها قيس سعيد، وتفرعت عن اللجنة ثلاث لجان: اللجنة الاستشارية للشئون الاقتصادية والاجتماعية، واللجنة القانونية، ولجنة الحوار الوطني، وقد شهدت اللجنة الأخيرة مقاطعة جلّ الأحزاب السياسية والمنظمات الكبرى، على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل. كما اعتذر عميدات وعمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية السابقين عن المشاركة في الحوار، وعضوية اللجنة الاستشارية القانونية، وعبروا عن تمسكهم «بحياد المؤسسات الجامعية وضرورة النأي بها عن الشأن السياسي».[9]

في الوقت نفسه، واجه عميد الهيئة الوطنية للمحامين، إبراهيم بودربالة، الذي ترأس اللجنة الاستشارية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عديد الانتقادات؛ بحكم عدم اختصاصه في الموضوع، ورفض عدد من العمداء السابقين للمحاماة «الزج بمؤسسة العمادة في حوار صوري»، واعتبروا مشاركته تتنافى مع «تاريخ المحاماة الناصع بالوقوف سدًا منيعًا في وجه كل انحراف بالسلطة ومس بالحقوق واستهداف للحريات».[10]

ورغم تعرضه لانتقادات عديدة وسخرية لاذعة أحيانًا، فإن الصادق بلعيد، الرئيس المنسّق لــ«الهيئة الوطنية لأجل جمهورية جديدة» كان متحمسًا لكتابة النص الجديد، وكان يرى أنه «من الضروري إنقاذ البلاد من أزمة خانقة جاثمة منذ سنوات». أزمة يراها العميد في وجود «أحزاب ذات مرجعية دينية في السلطة»، لذلك صرّح بأن خطوته الأولى ستكون حذف الإسلام كدين دولة، مثلما جاء في دستور 2014.[11]

وفي العشرين من يونيو، بدا السيد الصادق بلعيد مرتاحًا وهو يسلّم مسوّدة الدستور التي اقترحها هو وفريقه إلى رئيس الجمهورية، معلقًا بأنه توصل هو وزملاؤه إلى الصيغة النهائية في التاريخ المحدد إلاّ انه لم ينتبه حينها إلى عبارات تنسيبية أطلقها قيس سعيد تشير لأن «النسخة (المقترحة) ليست نهائية»، وأن «بعض الفصول قابلة للمراجعة ومزيد التفكير».

«مهمة حق أريد بها باطل»[12]

اتضح بعد ذلك أن الأمر لا يتعلق ببعض الفصول، بل بنسخة أخرى لا تمت بصلة للنسخة المقترحة من جانب اللجنة، إذ نشر الصادق بلعيد رسالة توضيحية بجريدة الصباح[13] قال فيها أنه رغم الانتقادات والضغوطات «من كل حدب وصوب» فإنه، هو ولجنته المتكونة من خبراء قد رفعوا التحدي، وصاغوا «مسودة تليق بالشعب التونسي». وأضاف بلعيد أنه بينما يحق للرئيس تنفيذ «تحويرات جزئية وطفيفة»؛ إلا أن ما نشرته الرئاسة بالرائد الرسمي هو نص أخر «لا يمتّ بصلة للنص الذي أعددناه وقدمناه». محذرًا بأن مسودة الرئيس المنشورة تنطوي على «مخاطر ومطبات جسيمة تمهد لحكم ديكتاتوري مشين» وتضع الرئيس فوق كل مساءلة.[14]

الرئيس يقرر تعديل دستوره

يوم الجمعة الثامن من يوليو، صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية أمر رئاسي عدد 607 لسنة 2022، يتعلق «بإصلاح أخطاء تسربت» إلى المشروع الذي نشر بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 578. واعتبر الرئيس في كلمته، ليلة العيد، أن أمر الأخطاء «معهود في نشر سائر النصوص القانونية». إلا أن «الأخطاء» شملت ستة وأربعين موضعًا وتسعة وثلاثين فصلًا، بين إصلاح أخطاء لغوية وتجنب تكرار الفصول وإضافات وتعديلات مهمة تتعلق أساسًا بجندرة حقوق الانتخاب والترشح في المحطات السياسية. إذ أصبح الفصل الخاص بالترشح لرئاسة الجمهورية ينصص على مترشحين ومترشحات عوضًا عن مترشحين فقط. وحُذف شرط الالتزام بالأخلاق العامة من الفصل الخامس والخمسين الخاص بالحقوق والحريات، لما أثاره من مخاوف. وأضيفت عبارة «في إطار نظام ديمقراطي» إلى الفصل الخامس المثير للجدل، وهو الفصل الذي يُحمِّل الدولة «وحدها» واجب العمل على «تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف من حفظ النفس والعرض والمال والدين والحرية» الخ.

وقد جاءت هذه التعديلات إثر احتجاج جلّ الرأي العام الحداثي، وامتعاض حتى بعض مساندي الرئيس، أولئك الذين ساندوه من منطلق عدائهم المبين للإسلام السياسي، المتمثل في حركة النهضة، ليفاجئوا بأن النسخة المقدمة في 30 يونيو تشير إلى مقاصد الشريعة، وهو ما يعدّ «تراجعًا كبيرًا عن مكاسب دستور 2014» فيما يتعلق بمدنية الدولة.[15]

إلا أن التعديلات التي أدخلها سعيد على دستوره، أثارت المخاوف، ليس من الدولة الدينية فحسب، بل من تغوّل سلطة الرئيس السياسية والجزائية. فالرئيس دو السلطة المحدودة في دستور 2014، صار يمتلك الصلاحيات كافة، وأصبح غير قابل للمساءلة أثناء فترة رئاسته وبعدها.

بين دستور 2014 ودستور قيس سعيد هوّة

من الضروري التذكير بالظروف التي تمت فيها المصادقة على دستور 2014 من طرف المجلس الوطني التأسيسي، ذي الأغلبية من حركة النهضة الإسلامية. إذ ساهمت تحركات الشارع التونسي، أحزابًا ومنظمات مدنية وحركة نسوية، في تغيير الكثير من محتواه؛ ليعكس، رغم بعض هنّاته ونواقصه، مطامح مجتمع خرج من ثورة ضد الاستبداد ليبني دولة مدنية ديمقراطية لها بعد اجتماعي. وقد أفرزت تحركات الشارع المتوالية العديد من المكاسب، فحذفت الشريعة، كمصدر للتشريع، وفرضت مبدأ المساواة التامة بين المرأة والرجل، بعدما أسقطت عبارة «التكامل بين الجنسين» التي اقترحتها النهضة، كما تم إقرار التنصيص على حرية المعتقد والضمير.

وتفادى قيس سعيد، في توطئة دستوره، الإشارة إلى دستوري 1959 أو دستور 2014، بينما أشار سريعًا إلى دستور دولة قرطاج القديمة، وبشيء من التأكيد والإطالة إلى «دستور الميزان» في القرن السابع عشر، معتبرًا إيّاه «من بين أهم النصوص الدستورية… إذ حرره تونسيون كانوا مؤمنين بقيم العدالة» ولكن حسب المؤرخين وأساتذة التاريخ، فإن الدستور المشار إليه «وهمي» ويمثل «خطأً في القراءة»؛ إذ أن «الميزان» لا يعدو كونه «دفترًا جبائيًا يتضمّن أوّل إحصاء لممتلكات السكان والجباية المفروضة عليهم» من طرف الدولة العثمانية.[16]

ورغم هذا التجاهل، فقد أخذ الدستور الجديد من نصوص دستوري 1959 و2014. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نسخ الدستور الجديد الفصل الثاني والعشرين من دستور 2014 حول الحقوق والحريات، والفصلين الحادي والعشرين والثالث والعشرين حول تساوي المواطنين والمواطنات في الحقوق والوجبات (مذكور كذلك في الفصل السادس في دستور 1959)، كما استعار من دستور 2014، كذلك، الفصل الخامس والعشرين حول حماية الدولة للكرامة البشرية. وبعملية بسيطة، نرى أن «أكثر من ستين بالمئة من مشروع الدستور هو تكريس مباشر لفصول وأحكام دستوري 1959 و2014»،[17] رغم تجاهل الرئيس لهذين الدستورين في التوطئة، «تجاهلًا ينم، في اعتقادي، عن عدوانية وتعال على السياسة العامة لدولة الاستقلال وتلاعب بالذاكرة الوطنية».[18]

مقاصد الشريعة أم مقاصد قيس سعيد؟

عند صياغة دستور 2014 من جانب المجلس الوطني التأسيسي، دار نقاش مطوّل حول الفصل الأول من دستور 1959، الذي ينصص على اعتبار الإسلام دين الدولة، نقاش أفضى إلى استنساخه.[19] ولتفادي الغموض حول دور الدين في الحياة العامة، أُضيف فصل ثان يؤكد على مدنية الدولة والمواطنة وإرادة الشعب.[20] وإن كان هناك بعض الغموض في العلاقة بين الفصلين الأول والثاني، أي بين التنصيص على الدين الإسلامي ومدنية الدولة في الوقت نفسه، إلا أن المجتمع المدني والأحزاب الليبرالية رأوا في ذلك حلًا توفيقيًا يعكس تنازلًا متبادلًا بين الإسلاميين والعلمانيين.

إلا أن دستور قيس سعيد ذهب أبعد من صيغة الفصل الأول؛ فبينما لم يشر إلى الإسلام كدين للدولة، إلا أنه اعتبر تونس جزءً من الأمة الإسلامية، وتعمل الدولة وحدها «على تحقيق مقاصد الإسلام». ورغم إضافة «في ظل نظام ديمقراطي» بالنسخة المعدلة؛ إلا أن ذلك لم يبدد المخاوف. وقد بدا مفهوم الأمة غامضًا وملتبسًا، خاصةً إذا ما أحال إلى الدين كقاسم وحيد مشترك، وأعتقد أن الدكتور وحيد الفرشيشي، أستاذ القانون الدستوري، كان على حق حين أشار إلى «المفهوم الهلامي»[21] للدولة ذات المرجعية الدينية، إذ يُغيّب المواطن وتُقيّد حريته، بل وتسحقه الأمة؛ لأنها «لا تضمن حرية الفرد إلا ضمن ما تسمح بها معتقداتها».[22]

وقد يُفهم أيضًا أن الرئيس، بصياغته الفصل الخامس المشار إليه، يريد سحب البساط من حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية، كي يصبح وجودها خارج إطار القانون، بما أن الدولة تحتكر حصريًا مرجعية الإسلام في أدبياتها.

لكني أعتقد أن لقيس سعيد مرجعيته الدينية المحافظة، التي عبّر عنها في عديد المناسبات. وهي مرجعية لا تقتصر على مظاهر صلاة الجمعة بحضور كاميرات التلفزة وحديثه إلى المصلين في المساجد، جامعًا بين تفسيره للدين ورؤيته السياسة، ومقارنًا نفسه بـ«الفاروق» (عمر بن الخطاب) الذي استشهد بمقولاته عديد المرات. بل علينا أيضا إعادة قراءة حواره الشهير مع أسبوعية الشارع المغاربي، وهو حوار أظهر جلّ معتقداته الدينية والسياسية.[23] إذ أشار إلى أنه ترشّح للرئاسة جهادًا وإكراهًا، مشبهًا ذلك بالقتال في سبيل الله، ومُذكرًا بالآية «كُتب عليكم القتال وهو كره لكم». وفيما يتعلق بموقفه من الشريعة، قال أنه يعتبر أن الدولة هي من يجب عليها العمل على تحقيق مقاصد الشريعة بشأن الحفاظ على النفس والعرض والمال والدين والحرية. كما رفض تصنيف أنصار الشريعة الذين تبنوا عديد الاغتيالات في تونس كتنظيم إرهابي، وأشار إلى أن المثلية ليست توجهًا جنسيًا، بل «مؤامرة خارجية» القصد منها إضعاف الأمة.[24]

لكن هل يتماشى الفصل الخامس من دستور قيس سعيد مع الفصل الذي ينصص على حرية المعتقد؟ إنه، في اعتقادي، التناقض الذي يخفي القناعة الدينية المتسترة والحاضرة دائمًا، إما لتبرير القمع أو لسحب البساط من التيارات الدينية. وهنا أتفق مع الدكتورة نائلة السليتي، التي ترى «أننا في تناقضاتنا نضرب الفصول ببعضها» ونُخفي وراء تحررنا الظاهري «خنجر» تزمتنا الديني ومرجعياتنا المقاصدية، ونعيق تواصلنا مع دول تؤمن بالديمقراطية والحرية و«لا تدين إلا بالقوانين الدولية وحقوق الإنسان».[25]

ويمكن اعتبار دستور قيس سعيد قائم على ثلاث ركائز دينية ومحافظة: اشتراط الإسلام لرئيس الدولة، ومقاصد الشريعة كمرجع تشريعي، واعتبار الأسرة «الخلية الأساسية للمجتمع» التي يتوجب على الدولة حمايتها (الفصل 12)، وهي مرجعيات أساسية للأنظمة المحافظة «تعتنقها الديكتاتوريات بأنواعها، وخاصةً اليمينية منها»، أما عن تبعاتها فلن تكون سوى «منظومات قانونية وسياسية عامة محافظة أخلاقوية دينية».[26] وإذا ما أضفنا لهذه الأبعاد تمتع رئيس الجمهورية، حابر الدستور، بصلاحيات غير محدودة، فإن الخطر حينها يصبح مضاعفًا.

رئيس يسأل الكل ولا يُسأل

وجب التذكير أن دستور 2014، الذي جاء في أعقاب ثورة على سلطات مطلقة للرئيس بن علي، وضع قيودًا عديدة للسلطة التنفيذية ومنعها من التغول. ليس فقط بإيجاد توازن بين السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، بل وكذلك ببعث مؤسسات رقابية تمنع التداخل والتشابك. كما أرسى مشروع المحكمة الدستورية التي تسهر على علوية القانون، وتحسم في المسائل القانونية والخلافية.

أما دستور قيس سعيد فإنه ألغى كل الهيئات الرقابية والدستورية؛ هيئة الاتصال السمعي البصري، التي تسهر على حيادية واستقلالية الإعلام وتطبيق أخلاق المهنة الصحفية، هيئة مكافحة الفساد، هيئة التنمية المستدامة، هيئة حقوق الإنسان، ولم يُبق إلا على هيئة الانتخابات، التي عيّن أعضائها بمرسوم رئاسي قبل الاستفتاء، وبالتالي نزع عنها صبغة الاستقلالية.

ويستند دستور قيس سعيد إلى شعاره الذي رفعه قبل عدة سنوات «الشعب يريد»، وهو شعار رفعته قبل ظهوره مظاهرات انتفاضة ديسمبر – يناير 2011، قبيل هروب الرئيس بن علي. وحسب تأويل الرئيس، فإن ذلك يعني أن الشعب هو صاحب السيادة، وهو الذي يقرر ويحكم. وهو في ذلك لا يحتاج إلى هياكل وسيطة، ولا إلى مجتمع مدني يعدّل أو يراقب، بل له علاقة مباشرة برئيس «مخلص ووفي»، يختزل إرادته وطموحاته ورغباته. لهذا أصبح الرئيس غير خاضع للمساءلة (الفصل 110)، ولم يتضمن الدستور الجديد أي إجراءات بشأن عزله حين يرتكب خروقات جسيمة، مثلما جاء في الفصل 88 من دستور 2014. والرئيس في دستور قيس سعيد يمكنه حلّ البرلمان (الفصل 106)، وتعيين الحكومة وإقالتها (الفصلين 101 و102)، وتسمية القضاة (الفصل 120)، واقتراح تعديل الدستور. وهو الذي يقترح أعضاء المحكمة الدستورية، ويعلن حالتي الطوارئ والاستثناء دون الرجوع لأية جهة أخرى، ودون تحديد جدول زمني لذلك (الفصل 96).

إذن عكس ما يعتقد البعض، نحن لا نشهد هنا اختلال توازن بين السلطات، بل محوًا لكل السلطات الأخرى، وتغييبًا متعمدًا لكل الهياكل الرقابية. وسنشهد تشكيل مجلسين، أحدهما تشريعي والأخر للجهات والأقاليم، ربما سيتنافسان، عوضًا عن تكامل الصلاحيات بينهما، وسننتظر ما سيقرره الرئيس بشأن تحديد أدوارهما. ولكن إذا ما رجعنا إلى تحليلات قيس سعيد السابقة حول الديمقراطية القاعدية، ومنها الحوار المذكور أعلاه،[27] فإن المجلس التشريعي سيظل باهتًا، وربما تابعًا إلى مجلس الجهات والأقاليم؛ لأن الأصل هو «الديمقراطية القاعدية»، لكن ما تأثير ذلك على الحريات العامة والخاصة، وعلى حقوق الإنسان؟

الانعكاسات على الحريات وحقوق الإنسان

إذا ما اعتبرنا أن التوطئة جزء مهم من الدستور، مثلما أشار إليه دستور 27 يناير 2014، وأنها يجب أن تُهيئ لبقية الفصول، فأننا نلاحظ في توطئة دستور قيس سعيد غياب التنصيص على رؤية حقوق الإنسان في كونيتها، وعلى مدنية الدولة وحياد الإدارة التونسية، واستقلال القضاء، ومبدأ المساواة التامة بين المواطنين والمواطنات. في تناقض تام مع النسخة التي نشرها العميد الصادق بلعيد،[28] والتي تستحضر عالمية حقوق الإنسان، ودور الدولة الاجتماعية وبُعدها المدني، واستقلال القضاء، والفصل بين السلطات. فدستور قيس سعيد أكد في توطئته على تصحيح المسار الثوري والتمسك بالهوية العربية والأبعاد الإنسانية للدين الإسلامي، فمن سيطبق هذه الأبعاد؟ الرئيس أم المفتي أم القاضي؟ وما هو مصير غير المسلمين؟ ألا يُعتبر التمسك «بالأبعاد الإنسانية للدين» تمهيدًا للفصل الخامس بكل ما يحمله من شحنة عقائدية، وبالرابط الديني الذي يجمع الأفراد داخل الأمة؟ وبعبارة أخرى، هل حقوق المواطنة مرتبطة بالانتماء إلى الأمة الإسلامية؟

يحق لقارئ التوطئة وبقية فصول دستور قيس سعيد أن يخشى على الدولة المدنية، التي لا مكان لها، كما لا يوجد تأكيد على مفهوم المواطنة بكل ما تحمله من حقوق وواجبات. فالدستور صيغ باسم الشعب الذي «سُرقت منه ثورته» ولكنه بدأ تاريخه «الثوري الحقيقي» منذ منعرج يوم الخامس والعشرين من يوليو 2021. وتبعًا لذلك، وأمام سطوة الجماهير وإرادتها، لا مكان للفرد المختلف الذي يذوب في كيانات بديلة: الأمة، الأسرة، المجتمع.

وهنا أيضًا لا يمكننا تجنب المقارنة بين دستور 2014 ودستور قيس سعيد، حتى بعد تنقيحه؛ فالأول حدد في الفصل التاسع والأربعين الضوابط التي توضع لممارسة الحقوق والحريات، والخاضعة «لضرورة دولة مدنية ديمقراطية»، واشترط التناسب بين هذه الضوابط وموجباتها، وأوكل للسلطات القضائية حماية هذه الحقوق من أي انتهاك. أما الثاني، وإن أعاد بعض هذه الصياغة في الفصل الخامس والخمسين؛ فإنه حذف التنصيص على الدولة المدنية والديمقراطية، وأخضع الحقوق والحريات إلى «مقتضيات الأمن العام والدفاع الوطني والصحة العامة». وهكذا ظلت مخاطر الدولة الاستبدادية قائمة؛ حتى بعد حذف ضابط الآداب العامة في النسخة المنقحة. وهي مخاطر تغذيها أمور ثلاثة: مفهوم الأمن العام، والفصل الخامس من الدستور آنف الذكر حول دور الشريعة، ورئيس جامع لكل السلطات، لا يخضع لأي محاسبة، حتى وإن انتهك حقوق مواطنيه.

في مقابل الحضور المكثف للأسس والمرجعيات الدينية، هناك تغييب متعمّد للتنصيص على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، ويرى خبراء ومحللون أن «غموض الإشارة إلى مدنية الدولة والصلاحيات الواسعة التي منحها سعيّد لنفسه في الدستور»، كلها توحي «بتقديم التشريعات المحلية على المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان».[29]

نسبة مشاركة ضعيفة وتحديات جسيمة

سجل الاستفتاء الذي تم يوم الخامس والعشرين من يوليو نسبة إقبال ضعيفة، لم تتجاوز 27.5% من عدد الناخبين التونسيين، أكثر من 92% منهم اختاروا نعم. كما شهد الاستفتاء تجاوزات عديدة،[30] منها خرق الرئيس نفسه للصمت الانتخابي عند الإدلاء بصوته عبر كلمة موجهة إلى الشعب التونسي،[31] ثمّن خلالها عديد النقاط الواردة فيه، خطاب استمر لأكثر من 15 دقيقة، وبُث على القناتين الوطنيتين الأولى والثانية. ورغم العدد الضعيف للمشاركة، والتجاوزات التي اعتبرتها هيئة الانتخابات مخالفات «لا ترتقي للجرائم الانتخابية»؛ فإن دستور قيس سعيد أصبح نافذ المفعول ابتداءً من نهاية التصويت وإعلان النتائج، ذلك ما يعلنه الفصل 139، الذي لا يفرض حدًا أدنى للمشاركة، مثلما يحدث في الدول الديمقراطية.

الأغلبية الساحقة من التونسيين، إذا ما استثنينا المقاطعين عن قناعة والذين يظل عددهم نسبي،[32] غير مهتمين بالتغييرات الدستورية والسياسية بقدر اهتمامهم بصعوبة حياتهم اليومية، بعدما ارتفع التضخم لمستويات غير مسبوقة بلغت ثمانية بالمئة. وزادت نسب الفقر لتشمل أغلب شرائح الطبقة الوسطى، وارتفعت نسب الهجرة خوفًا من المستقبل الغامض في البلاد، في ظل مناخ سياسي صعب، تكثفت فيه الانتهاكات وزاد نسق القمع والتضييق على الحريات،[33] حتى أن جريدة لوموند حذرت قائلة: «بهذا الاستفتاء الدستوري سيصبح الاستثناء قاعدة والاستبداد قانونًا».[34]

فيما يتعلق بالاستفتاء هناك ملاحظة لابد منها، وهي أن أعداد المشاركين قريبة من أعداد أولئك الذين أعطوا قيس سعيد أصواتهم في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية سنة 2019.[35] ورغم اختلاف السياق، فإن قاعدة مسانديه، إذا ما اعتبرنا أن الاستفتاء أقرب إلى مبايعة لشخصه،[36] لم تزداد، وإنما بالعكس تضاءلت. فهل يمكن أن يكون «ذلك كافيًا لإقناع قيس سعيد بضرورة التراجع عن مشروعه الاستبدادي»؟[37] الأقرب إلى الظن أنه لن يتراجع، لكن ربما سينتهي دستوره بنهاية وجوده في السلطة.

مواجهة إجراءات قيس سعيد، من المساندة والتردد إلى الانقسام

كانت ردود أفعال العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والاتحاد العام التونسي للشغل –المنظمة النقابية القادرة على قلب موازين القوى– في الساعات الأولى وحتى في الأيام القليلة التي تلت انقلاب قيس سعيد على الدستور، يوم الخامس والعشرين من يوليو 2021، صادمة؛ إذ راوحت بين المساندة لقراراته مع تحفظ محتشم وانتظار سلبي. واقتصر الرفض على بعض منظمات المجتمع المدني الصغيرة والشخصيات الوطنية القليلة والأحزاب البرلمانية وعديد النواب الذين خسروا مواقعهم. وقد شجعت المراوحة بين المساندة والتردد والارتباك قيس سعيد على المضي قدمًا في تطبيق إجراءاته الاستثنائية والحكم بالمراسيم، وصولًا لصياغة دستور يستجيب لطموحاته الشخصية، ورؤيته الخاصة للديمقراطية «القاعدية». وحتى على مدار الأشهر التي تلت الانقلاب على الدستور، وإدراك الجميع لنوايا الرئيس الفعلية، ظلت المعارضة منقسمة حتى أثناء احتجاجاتها. وواصلت منظمات المجتمع المدني استنكارها للانتهاكات والانتقاص شبه اليومي للحريات الأساسية، تُحبر البيانات حينًا، وتتظاهر في الشوارع بأعداد محدودة أحيانًا أخرى. وحتى الانتخابات التشريعية المقررة في ديسمبر 2022، فإن قيس سعيد سيحدد إطارها القانوني والتشريعي بمفرده، وقد تُقرر أحزاب المعارضة، أو جلها، مقاطعتها. ولكن الأكيد أن قيس سعيد، الذي قرر أن يحكم بمفرده، سيتحمل، تبعًا لذلك، ارتدادات أزمة اقتصادية ومالية خانقة ما انفكت تلقي بظلالها على البلاد، وقد تأتي بمفاجآت لا ينتظرها هو نفسه.

[1] الرديسي، حمادي (2022). «في الفصل الخامس من مشروع دستور 2022 الأمة، الدولة ومقاصد الإسلام». جريدة المغرب، 16 يوليو. تاريخ الاطلاع 20 يوليو 2022، t.ly/sEHK
[2] المصدر السابق.
[3] بيزنس نيوز (2022). «الاتحاد الدولي للقضاة: عزل 57 قاضيًا يعدّ خرقًا جسيمًا للقواعد الأساسية لدولة القانون والمؤسسات». بيزنس نيوز، 16 يونيو. تاريخ الاطلاع 23 يوليو 2022، t.ly/UOsR
[4] زغدودي، مالك (2022). «الاستشارة الإلكترونية في تونس: حلم التأسيس يرتطم بشعب لا يريد». الكتيبة، 1 أبريل. تاريخ الاطلاع 23 يوليو 2022، t.ly/PXIJ
[5] منظمة أنا يقظ (2022). «الاستشارة الوطنية، ضعف فادح في التخطيط». منظمة أنا يقظ، 16 مارس. تاريخ الاطلاع 22 مارس 2022، https://www.iwatch.tn/ar/article/916
[6] المصدر السابق.
[7] موزاييك إف إم (2021). «رئيس الدولة: دستور 2014 لم يعد صالحًا… ولا مشروعية له». موزاييك إف إم، 9 ديسمبر. تاريخ الاطلاع 23 يوليو 2022، t.ly/gKVw
[8] صحيفة العرب (2022). «قيس سعيد يرى في النظام الرئاسي الحل لأزمة تونس في الحكم». صحيفة العرب، 14 مارس. تاريخ الاطلاع 24 يوليو 2022، t.ly/eNcO
[9] موزاييك إف إم (2022). «جامعيون وعمداء كليات الحقوق: لا للزج بالجامعة في المشاريع السياسية». موزاييك إف إم، 23 مايو. تاريخ الاطلاع 24 يوليو 2022، t.ly/uYez
[10] جريدة الشروق (2022). «عمداء سابقون لهيئة المحامين يطالبون بودربالة بالانسحاب من اللجنة». جريدة الشروق، 23 مايو. تاريخ الاطلاع 23 مايو 2022، t.ly/lkDy
[11] فرانس 24 (2022). «الصادق بلعيد: مشروع الدستور التونسي الجديد لن يأتي على ذكر للمرجعية الإسلامية». فرانس 24، 7 يونيو. تاريخ الاطلاع 24 يوليو 2022، https://www.youtube.com/watch?v=gPiCdgQkzl4
[12] بلعيد، الصادق (2022). «مهمة حق أريد بها باطل». أنباء تونس، 3يوليو. تاريخ الاطلاع 3 يوليو 2022، https://bit.ly/3e2DU05
[13] المصدر السابق.
[14] المصدر السابق.
[15] العش، مهدي (2022). «الرئيس يعدّل دستوره قبل الاستفتاء، عبث وذر للرماد على العيون». المفكرة القانونية، 11 يوليو. تاريخ الاطلاع 24 يوليو 2022، t.ly/yskV
[16] لبيض، سالم (2022). «الاستنجاد بالتاريخ وإعادة السلطوية في الدستور الجديد». العربي الجديد، 25 يوليو. تاريخ الاطلاع 11 أغسطس 2022، https://bit.ly/3C8Dddl
[17] الفرشيشي، وحيد (2022). «لهذا نرفض دستور قيس سعيد». الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، 22 يوليو.
[18] المصدر السابق
[19] الفصل الأول من الدستور التونسي، «تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها».
[20] الفصل الثاني من الدستور التونسي، «تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة، وإرادة الشعب، وعلوية القانون».
[21] الفرشيشي، وحيد، أسباب رفض دستور قيس سعيد، المفكرة القانونية، 12 يوليو 2022، تاريخ الاطلاع، 23 يوليو 2022، https://bit.ly/3y8H74I
[22] المصدر السابق
[23] زنطور، كوثر (2019). «الشارع المغاربي تنشر حوار قيس سعيد كاملًا». الشارع المغاربي، 11 يونيو. تاريخ الاطلاع 12 يونيو 2022،  t.ly/TlwP
[24] المصدر السابق
[25] السليتي، نائلة (2022). «الفصل الخامس: إن هي إلا نار موقدة». الشارع المغاربي، 19 يوليو.
[26] الفرشيشي، وحيد (2022). «لهذا نرفض دستور قيس سعيد». الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية، 22يوليو.
[27] زنطور، كوثر (2019). «الشارع المغاربي تنشر حوار قيس سعيد كاملًا». الشارع المغاربي، 11 يونيو. تاريخ الاطلاع 12 يونيو 2022، t.ly/TlwP
[28] بلعيد، الصادق (2022). «خاص/بلعيد يعلن لأول مرة عبر الصباح: الهيئة بريئة من المشروع المعروض على الاستفتاء». جريدة الصباح، 3يوليو. تاريخ الاطلاع 3 يوليو 2022، https://bit.ly/3rxCbmh
[29] الجورشي، صلاح الدين (2022). « بعد تمرير الدستور: تونس تتجه نحو مأسسة الحكم الفردي ». شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، 1 أغسطس. تاريخ الاطلاع 11 أغسطس 2022، https://bit.ly/3Swi18d
[30] الورفلي، مجدي (2022). «إخلالات ونقائص وتجاوزات يوم الاستفتاء: خرق الصمت الانتخابي ونقص فادح في عدد الملاحظين وتضييقات على الصحفيين». جريدة المغرب التونسية، 26 يوليو. تاريخ الاطلاع 11 أغسطس 2022، ibit.ly/wonz
[31] يورونيوز (2022). «فيديو: هذا ما قاله سعيّد في يوم الاستفتاء على دستور جديد مثير للجدل». يورونيوز، 25 يوليو. تاريخ الاطلاع 25 يوليو 2022، https://arabic.euronews.com/2022/07/25/video-kais-saied-statement-tunisia-referendum-day
[32] كريشان، زياد (2022). «استفتاء حول الدستور أم مبايعة لقيس سعيد». جريدة المغرب، 26 يوليو. تاريخ الاطلاع 26 يوليو 2022، ibit.ly/FvsT. فطبقًا لشركة سيغما، التي قامت بالتحقق، فإن نسبة المقاطعين للاستفتاء بلغت 21% من الناخبين، بينما قرابة 50% الباقين غير مهتمين بالاستفتاء.
[33] منظمة العفو الدولية (2022). «تونس، تدهور حقوق الإنسان على مدى عام منذ هيمنة قيس سعيد على السلطة». منظمة العفو الدولية، 21 يوليو. تاريخ الاطلاع 24 يوليو 2022، https://www.amnesty.org/ar/documents/mde30/5876/2022/ar/
[34] لوموند (2020). «خطة قيس سعيد الخطيرة لتونس» [Kais Said’s dangerous plan for Tunisia]. لوموند، 26 يوليو. تاريخ الاطلاع 26 يوليو 2022، ibit.ly/lPdK
[35] في انتخابات 2019 تحصل قيس سعيد على مليونين و700 ألف صوت، بينما في الاستفتاء نال دستوره قرابة مليونين و600 ألف صوت.
[36] حسبما أكده استطلاع شركة سيغما المنشور بجريدة المغرب. مرجع سابق
[37] لوموند (2020). «خطة قيس سعيد الخطيرة لتونس» [Kais Said’s dangerous plan for Tunisia]. لوموند، 26 يوليو. تاريخ الاطلاع 26 يوليو 2022، ibit.ly/lPdK

Read this post in: English

اظهر المزيد

مسعود الرمضاني

عضو سابق باللجنة التنفيذية الأورومتوسطية للحقوق، والرئيس السابق للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى