تداعيات جائحة كوفيد-19 على حقوق الإنسان في سوريا

حمل هذا المقال كبي دي إف

خلاصة

لهذا البحث طابع خاص؛ بحكم تناوله تداعيات جائحة كوفيد-19 على حقوق الإنسان في بلدٍ تدهورت فيه حقوق الإنسان الأساسية إلى مستوى غير مسبوق؛ نتيجة الصراع القائم منذ العقد الماضي. يبدأ البحث بمقدمة نظرية تتناول الحق في الصحة ومواجهة جائحة كوفيد-19 من منظار حقوقي، ثم يستعرض واقع جائحة كوفيد-19 في سوريا وتطوراتها، وواقع القطاع الصحي قبل الجائحة، وتأثره بالصراع المسلح خلال العقد الماضي. وانطلاقًا من المقدمة القانونية الحقوقية، وبالاعتماد على الإحصاءات والمعلومات المتوافرة، يحاول البحث، باستخدام التحليل الوصفي الناقد، الإجابة عن السؤال الرئيس للبحث؛ تداعيات الجائحة على حقوق المواطن السوري، ودرجة استجابة الأطراف الفاعلة في سوريا، إذ يحاول البحث استكشاف التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للجائحة، والتعرف إلى استجابة الحكومة السورية بصورة خاصة، من حيث قنوات وآليات الاستجابة، والإجراءات الفعلية المتخذة لمواجهة الجائحة، والأخطار المترتبة عليها، ويصل البحث إلى نتيجة مفادها عجز الأطراف الفاعلة، وعدم اكتراث الحكومة السورية لمخاطر الجائحة وتأثيراتها على حقوق الإنسان، ليؤكد البحث في المحصلة النهائية على مركزية الحل السياسي والانتقال الديمقراطي لمواجهة الأزمات المتراكمة في الحالة السورية، ومنها جائحة كوفيد-19.

مقدمة: مواجهة جائحة كوفيد-19 من منظار حقوقي

يُعدّ الحق في الصحة أحد حقوق الإنسان الأساسية،[1] وقد جاء ذكره أول مرة في دستور منظمة الصحة العالمية عام 1946، وورد في المادة الخامسة والعشرين من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان «لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهية له ولأسرته، خاصةً على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية»، وجرى التأكيد في المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على التدابير التي يتعين على الدول الأطراف فيه اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، مثل الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها، وتهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض.

وهناك اللوائح الصحية الدولية لعام 2005 التي اعتُمدت إطارًا قانونيًا للتعامل مع الأمراض الوبائية، وبدأ سريانها في يوليو 2007، وتتولى منظمة الصحة العالمية دور التنسيق بشأنها. كما أكد القانون الدولي الإنساني على حماية الأشخاص في أماكن الاحتجاز –سواء كانوا سجناء أو أسرى حرب– وتوفير الحماية لهم من انتشار الأوبئة والأمراض بينهم، في مواد عديدة من اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة، والبروتوكول الإضافي الثاني.

وتقع مسئولية ضمان الحق في الصحة، وتوفير شروط الرعاية الصحية على عاتق الدولة ومؤسساتها بصورة أساسية، وأوضحت منظمة الصحة العالمية هذا الأمر في دستورها: «الحكومات مسئولة عن صحة شعوبها، ولا يمكن الوفاء بهذه المسئولية إلا باتخاذ تدابير صحية واجتماعية كافية». ويشمل دور الدولة توفير نظام صحي وطني، والاهتمام بالبنية التحتية للصحة، ورصد الاعتمادات المالية الكفيلة بتحقيقه، وتجنيد الكفاءات التي تسهم في رفع مستوى خدمات الرعاية الصحية، ومن حق الدولة وواجبها الاستعانة بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية.

تناولت الشرعة الدولية لحقوق الإنسان أيضًا مسألة الحقوق والحريات في ظل حالات الطوارئ الاستثنائية،[2] فحسب المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية: «يجوز للحكومات، في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تُهدد أمن وسلامة الأمة تقييد ممارسة بعض الحقوق الأساسية بشكل استثنائي ومؤقت». وتستثني المادة حقوقًا بعينها من التقييد حتى في حالة الطوارئ، وهي: الحق في الحياة، تحريم إخضاع أحد للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة، معايير المحاكمة العادلة بوصفها أهم ضمانات منع تعسف السلطة، الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، بحيث لا يجوز إخضاع هذا الحق إلا لقيود ضرورية وقانونية؛ لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.

وبناءً عليه، فإن استجابة الحكومات لجائحة كوفيد-19، سواء بإجراء فرض الحجر الصحي، أو إغلاق المرافق الخدمية العامة، أو مؤسسات التعليم، يحب أن تتوافق مع المعايير القانونية السابقة، وينبغي للحكومات تجنب فرض قيود شاملة أو عشوائية على التنقل والحرية الشخصية، وألّا تطبّق إجراءاتها بشكل تمييزي أو تعسفي، وأن تكون مبررة علميًا وضرورية ومحدّدة المدة، وأن تُراجع باستمرار، بما يضمن التأكّد من أنها تحقِّق الهدف المنشود، ليتم رفعها عند زوال التهديدات التي استدعت تطبيقها. كما ينبغي على الحكومات، إلى جانب إجراءات الحجر، السير في خطة موازية تهدف إلى تأمين الغذاء والرعاية الصحية، وتخفيف آثار الانقطاع عن التعليم، باستخدام الوسائل الملائمة كافة.

سيحاول البحث استكشاف تداعيات الجائحة ومخاطرها على حقوق الإنسان في سوريا، وطبيعة وقنوات وآليات استجابة الفاعلين السياسيين، خاصةً الحكومة السورية، عن طريق استخدام التحليل الوصفي، بالاعتماد على الإحصاءات والمعلومات الموثوقة المتوافرة، وقراءتها في ضوء الحق في الصحة وواجبات الدولة في الأحوال الطبيعية والاستثنائية التي تحدثنا عنها في هذه المقدمة.

واقع جائحة كوفيد-19 في سوريا وتطوراتها

في ديسمبر 2019، اكتُشفت أول حالة إصابة بفيروس كوفيد-19 في ووهان بالصين، وفي 30 يناير 2020 أعلنت منظمة الصحة العالمية أن تفشي فيروس كوفيد-19 يشكل «حالة طوارئ صحية تثير قلقًا دوليًا»، وكشف المدير العام للمنظمة عن وجود 98 حالة وقتها في 18 دولة خارج الصين.[3] وبحلول مارس 2020، أعلنت المنظمة دخول تفشي المرض مرحلة الجائحة، وأغلقت دول العالم حدودها، وفرضت أشكالًا مختلفة من الإغلاق والحجر الإلزامي لمكافحة انتشار الجائحة، وقد سُجِّلت حتى 5 أكتوبر 2020، أكثر من 35 مليون حالة إصابة، وبلغ عدد الوفيات أكثر من مليون شخص في جميع أنحاء العالم.[4]

في سوريا، أعلنت الحكومة السورية عن أول إصابة رسمية بفيروس كوفيد-19 في 22 مارس 2020، ويُعدّ هذا إعلانا متأخرًا نسبيًا؛ نظرًا لتفشي الفيروس سابقًا في دول مجاورة، مثل إيران (19 فبراير)، والعراق (22 فبراير)، ولبنان (22 فبراير). حيث ترتبط سوريا ارتباطا وثيقا بإيران التي تُعدّ بؤرة انتشار الفيروس في منطقة الشرق الأوسط؛ بسبب العسكريين ورجال الأعمال والحجاج الشيعة الذين يسافرون بين البلدين.[5] علاوةً على إعلان باكستان في العاشر من مارس عن تسجيل تسع إصابات جديدة بفيروس كوفيد-19، وأشارت إلى أن ستة من المصابين الجدد وصلوا إلى مدينة كراتشي  قادمين من سوريا عبر الدوحة.[6]

برغم أن سوريا لم تشهد تفشيًا واسعًا لفيروس كوفيد-19 في الأشهر الأولى من الجائحة، إلا أن الأرقام المعلنة عن وزارة الصحة السورية، بدءً من مارس وإلى الآن، غير دقيقة بحكم ميل الحكومة السورية الدائم إلى التكتم أو تزييف الأرقام. مثلًا، أثار تسجيل 44 إصابة بفيروس كوفيد-19 في الأردن لأشخاص قادمين من سوريا تساؤلات حول الأعداد الحقيقية للمصابين بالفيروس في سوريا، حيث لم تعترف الحكومة نفسها –حتى وقتها– بوجود مثل هذا الرقم من الإصابات في سوريا نفسها.[7] يأتي التشكيك في الأرقام الرسمية، والقلق من حدوث انفجار في حالات الإصابة بالجائحة، من وجود ما يمكن اعتباره بؤرًا محتملة لفيروس كوفيد-19، نتيجة وجود مليشيات إيرانية وقوات روسية وتركية، فضلًا عن مخيمات النازحين المكتظة من دون توافر أدنى متطلبات الوقاية، وسجون ومراكز اعتقال رسمية وغير رسمية تضم أكثر من مئة ألف معتقل، فضلًا عن انهيار النظام الصحي في عموم سوريا.[8]

عمومًا، بحسب الأرقام الرسمية، حتى الخامس من أكتوبر 2020، أعلنت وزارة الصحة السورية عن 4.366 حالة، توفي من بينهم 205، وتماثل 1155 للشفاء.[9] في الشمال الشرقي، تشرف «الإدارة الذاتية» على ثلاثة معابر مع المناطق الخاضعة للحكومة السورية هي «التايهة» في منبج و«الطبقة والصبخة» في الرقة، إضافة إلى معبر «عون الدادات» مع مناطق سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا في ريف منبج. لكن، على الرغم من إعلان الإدارة الذاتية إغلاقها للمعابر، ظل النقل الجوي مستمرًا مع مناطق النظام، دون الالتزام بالإجراءات الوقائية. وقد قررت «الإدارة الذاتية» في 12 أكتوبر 2020 إعادة فتح معابرها الداخلية مع بقية المناطق السورية أمام حركة عبور المسافرين مجددًا دون أي عائق، مع بقاء معبر «سيمالكا» الحدودي مع إقليم كردستان العراقي مغلقًا.[10] كانت الإدارة الذاتية قد رفعت الحظر العام في السابع والعشرين من أغسطس، ورفعت الحظر عن التجمعات في الرابع عشر من سبتمبر، ليزداد عندها عدد الإصابات؛ ففي 1 أكتوبر بلغ عدد الإصابات 1670، والوفيات 67، وحالات الشفاء 437،[11] وقد حمّلت هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية الحكومة السورية المسئولية عن حدوث أي إصابات بفيروس كوفيد-19 بمناطق سيطرتها شمال شرق سوريا بسبب الاستهتار، وعدم الالتزام بقواعدَ وإجراءات الوقاية، واستمرار إرسال المسافرين وإدخالهم إلى مناطق سيطرتها.[12]

في منطقة الشمال الغربي التي تسيطر عليها «فصائل المعارضة»، وتحتوى أكثر من أربعة ملايين مدني، أكثر من نصفهم من النازحين داخليًا، وقسم كبير منهم يعيش في المخيّمات. وقد نزح نحو 940.000 شخص فقط منذ الأول من ديسمبر 2019 ضمن المنطقة، ونحو ثمانين في المئة من النازحين هم من النساء والأطفال.[13] وبحسب رئيسة شبكة الصحة العامة السورية التي تحدثت في مؤتمر حول هذا الموضوع، تعدّ الكثافة السكانية في المنطقة عامل خطورة مثير للقلق، وبصورة خاصة في مخيمات النازحين التي تبلغ كثافة السكان في بعضها 40.000 لكل كيلومتر مربع.[14] يذكر أن «مديرية صحّة إدلب» أعلنت في التاسع من يوليو 2020، عن تسجيل أول إصابة بفيروس كوفيد-19 في شمال غرب سوريا،[15] وتعود إلى طبيبٍ سوري يتنقّل بين سوريا وتركيا بحكم عمله.

تأتي عوامل الخطورة في المنطقة من حالات الدخول المتكرر للموظفين، بشكل يومي، بين تركيا والمنطقة، خصوصًا أن الإجراءات المتّبعة على معبري «باب الهوى» في إدلب و«باب السلامة» في حلب بين سوريا وتركيا، لم تكن كافية لضمان عدم انتقال الفيروس عبر الحدود؛ فإغلاق المعابر بين سوريا وتركيا، منذ منتصف مارس الماضي، بُعيد أيام من تفشّي فيروس كوفيد-19 في تركيا، لم يكن شاملًا، بل استثنى بعض الفئات التي سُمح لها بالعبور ذهابًا وإيابًا، دون إجراء المسحات التي تثبت عدم الإصابة بالفيروس. فرغم انخفاض عدد العابرين استثنائيًا من كوادر المنظّمات الإغاثية إلى الربع خلال الجائحة، إلا أن حركة عبورهم استمرّت طوال فترة الجائحة، وهو ما ينطبق أيضًا على الموظفين الأتراك الذين يعملون في مناطق «غصن الزيتون» و«درع الفرات» وتقضي طبيعة عملهم التنقل بين تركيا وسوريا بشكل دائم. وفي عفرين، التي لا تزال تحت سيطرة القوات العسكرية التركية، تفيد تقارير أن العديد من ضباط الشرطة التركية ثبتت إصابتهم بالفيروس وتم إجلاؤهم إلى تركيا.[16] منذ منتصف يوليو الماضي، أعلن معبرا «باب الهوى» و«باب السلامة» عودة حركة العبور رسميًا مع التقيد ب «إجراءات الوقاية». يُضاف إلى ذلك أن مناطق شمال غرب سوريا تمتلك حدودًا مباشرة مع المناطق الخاضعة لسلطة النظام السوري، والمناطق الخاضعة لسلطة «الإدارة الذاتية» اللتين سبق أن سجّلتا إصابات مؤكّدة قبل وصول الفيروس إلى الشمال الغربي.

وقد وصل عدد حالات الإصابة، في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، في الثالث من أكتوبر، إلى 1190 حالة إصابة، من ضمنهم 649 متعافيًا، وست حالات وفاة. وفي العاشر من أكتوبر، أعلن وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، مرام الشيخ، مدينة الباب في ريف حلب الشرقي منطقة منكوبة، بسبب كثرة الإصابات فيها؛ إذ سجّلت المدينة، التي يقطنها نحو 400 ألف نسمة، أكثر من 460 إصابة.[17]

إذا تفشى فيروس كوفيد-19في شمال غرب سوريا، فمن المتوقع إصابة ما بين ستين وسبعين بالمئة من الكتلة البشرية الموجودة في المنطقة، ما قد يؤدي، في حال عدم وجود إجراءات وقائية شديدة، إلى وفاة أكثر من 100 ألف شخص، أو ما نسبته نحو 3% من عدد السكان هناك.[18]

واقع القطاع الصحي في سوريا

أدى النزاع المسلح في سوريا، منذ عام 2011، إلى هشاشة النظام الصحي، خاصةً في المناطق الخارجة على سيطرة النظام. علاوةً على أن الموارد الصحية الحيوية، مثل أجهزة التنفس الاصطناعي، وأسرة وحدات العناية المركزة، كانت أصلًا ضعيفة قبل عام 2011. واليوم تختلف جودة وقدرة المنظومة الصحية في سوريا، وتتباين أيضا القدرة على الاستجابة للجائحة، من منطقة إلى أخرى، استنادًا إلى طبيعة السلطات المحلية الحاكمة؛ فهناك ثلاث قوى أساسية تسيطر على البلاد: الحكومة السورية في مناطق سيطرة النظام، و«الإدارة الذاتية الديمقراطية» في المنطقة الشمالية الشرقية، و«الحكومة السورية المؤقتة» المعارضة في مناطق سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها في الشمال الغربي.

نتيجة للحرب، وطبقًا لمنظمة الصحة العالمية؛ فإن خمسة وستين في المئة فقط من المستشفيات قيد العمل، بينما تنخفض النسبة إلى اثنين وخمسين في المئة من مراكز الرعاية الصحية الأولية في سوريا بنهاية عام 2019.[19] كانت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان قد سجلت على مدار الفترة بين مارس 2011 وفبراير 2020، 595 هجوما على المنشآت الطبية، بينها 536 هجومًا من قبل النظام السوري وحلفائه الروس على نحو 350 مرفقا صحيًا منفصلًا، أي نحو تسعين في المئة من الهجمات، ووقعت معظمها في المناطق التي كانت خارج سيطرة الحكومة أو التي ما تزال بيد قوى المعارضة.[20] فضلًا عن مقتل 923 من الكوادر الطبية، من بينهم 830 قتلوا على يد النظام وحلفائه.[21] وبينما بلغ عدد النازحين عن سوريا منذ بداية 2011 إلى 6.1 مليون، أفادت تقارير أن أكثر من سبعين في المئة من الكوادر العاملة في المجال الصحي قد فرّوا من البلد، ما أدى إلى نقص حاد في المتخصِّصين بالمجال الصحي في جميع أنحاء سوريا، لاسيما الأطباء المتخصِّصين الذين لديهم القدرة على الاستجابة لتفشٍ محتمل لجائحة كوفيد-19.[22]

في شمال غرب سوريا، يوجد نحو ألف مخيم، وبدءً من أبريل 2020، بلغ عدد المرافق الصحية العاملة 306 من أصل 568، وتتضمن تلك المرافق 2.189 سريرًا في الأجنحة، و240 سريرًا في وحدة العناية المركزة، و98 جهاز تنفس اصطناعي للبالغين، و64 جهاز تنفس اصطناعي للأطفال،[23] إضافة إلى 32 وحدة عزل طبي.[24] فضلًا عن إتاحة 1.4 طبيب لكل 10,000 نسمة.[25]

وفقًا لمنظمة الصحية العالمية، من أجل تلبية الحد الأدنى من الحاجات، يجب أن يكون هناك على الأقل عشر أسرّة للمرضى المقيمين في المستشفى لكل 10,000 نسمة، وعشرة في المئة من هذه الأسرّة مخصّصة لوحدات العناية المركزة، ما يعني أنه في شمال غرب سوريا، ينبغي أن يتوافر 4.170 سريرًا، ومن ثمّ، فإن عدد الأسرّة الحالي يمثل نقصا بنسبة خمسين في المئة تقريبًا.[26] وعلاوةً على ذلك، فإن معدل إشغال أسرّة العناية المركّزة في المدة من يناير إلى ديسمبر 2019 كان ثمانية وتسعين في المئة، ما يعني أن عددًا قليلًا جدًا من الأسرّة متاح للمرضى المحتملين لجائحة كوفيد-19. ونتيجةً لذلك، سيكون «من المستحيل ببساطة التعامل مع الحالات الحرجة المتوقعة خلال الأسابيع الثمانية الأولى… ما سيؤدي إلى زيادة ملحوظة في عدد الوفيات».[27]

برغم أن منظمة الصحة العالمية قدمت 1200 جهاز اختبار للحكومة السورية، لكنها لم تقدم مساعدة مقبولة إلى بقية المناطق خارج سيطرة النظام.[28] إذ تمتلك منطقة شمال شرق سوريا إمكانات طبية محدودة، ووفق الناطقة الرسمية باسم هيئة الصحة هناك، فإن «الإدارة الذاتية تمتلك  أحد عشر جهازًا لإجراء فحص PCR الخاص بالكشف عن جائحة فيروس كوفيد-19، جهازان منها فقط في الخدمة»،[29] وهو ما يجعلها أدنى المناطق السورية على صعيد إجراء فحوصات الكشف عن الوباء، بمعدل 404 فحوصات فقط لكل مليون إنسان، حتى الخامس والعشرين من أغسطس. في مدينة القامشلي، على سبيل المثال، ليس بالإمكان إجراء أكثر من ستين إلى سبعين فحصًا في اليوم الواحد؛ نتيجة وجود مختبر واحد فقط مؤهل لذلك.[30] بينما في إدلب، هناك آلة فحص واحدة فقط، قادرة على إجراء ما يصل إلى مئة فحص يوميًا –كحد أقصى،[31] وبحسب وزارة الصحة في «الحكومة السورية الموقّتة»، أُجري نحو 3 آلاف اختبار لأشخاص يُشتبه بإصابتهم بالفيروس، بحكم وجود مركز واحد فقط يحتوي على جهاز واحد فقط، منذ بدء اختبارات كوفيد-19 في مارس الماضي، وحتى أواخر يوليو.[32]

وفقًا للبيانات والأبحاث المتاحة،[33] يُقدّر العدد الأقصى لعدد حالات جائحة كوفيد-19 التي يمكن علاجها بصورة كافية في سوريا حاليًا هو 6500 حالة. هذا الرقم مبني استنادًا إلى:

  1. عدد أسرّة وحدة العناية المركزة الموجودة في سوريا، والتي يتوافر فيها أجهزة التنفس الاصطناعي (ويُقدّر عددها ب 325 جهازًا)، وتُعدّ هذه الأسرّة ضرورية لعلاج الحالات الحرجة للمصابين بالفيروس.
  2. الأبحاث العالمية المتعلقة بالفيروس كوفيد-19، والتي تُظهر أن خمسة في المئة من المصابين بالفيروس بحاجة إلى عناية مركزة.

هذا يعني أنه عندما يتجاوز عدد الحالات هذا الحد المقدر ب 6500 حالة، والذي يُعرف باسم عتبة الحد الأقصى للقدرات، من المرجح انهيار نظام الرعاية الصحية، ومن المحتمل تاليًا ارتفاع معدل الوفيات الإجمالي بنسبة خمسة في المئة على الأقل بين المصابين بشكل إضافي على النسبة الأساسية.

من الملاحظ كذلك، وجود تباين كبير في قدرات الرعاية الصحية بين المحافظات، إذ لا يوجد توزيع عادل للموارد بين المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، والشمال الشرقي الذي يسيطر عليه الأكراد، والشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة.[34] وأيضًا يختلف الحد الأقصى للقدرة اختلافًا كبيرًا بين المحافظات المختلفة في سوريا، بقدرة استيعاب تتراوح بين 1920 في دمشق، وصفر في دير الزور، إذ لا يوجد في جميع أنحاء سوريا سوى 325 سريرًا مجهّزًا للعناية المركزة، تتوزع بشكل غير متكافئ في البلاد: إذ تمتلك دمشق ستة وتسعين سريرًا، وسبعة وسبعين في اللاذقية، وثلاثين في طرطوس، وعشرين في إدلب، بينما لا تحتوي دير الزور أي سرير. الجدول المرفق يُظهر عدد أسرّة العناية المركزة التي تحتوي على أجهزة تنفس اصطناعي في القطاعين العام والخاص، في محافظات سوريا.[35]

عتبة السعة القصوى لنظام الرعاية الصحية في سوريا

في احتواء حالات كوفيد-19 بحسب المحافظة

عتبة السعة القصوى لحالات كوفيد-19

أسرة وحدة العناية المركزة المتوافرة مع أجهزة التنفس الاصطناعي في القطاعين العام والخاص  المحافظة

1920

96 دمشق

100

5

حلب

220 11

ريف دمشق

100

5 حمص
580 29

حماه

1540

77 اللاذقية
360 18

الحسكة

0

0 دير الزور
400 20

إدلب

600

30 طرطوس
80 4

الرقة

60

3 درعا
440 22

السويداء

100

5

القنيطرة

6500 325

كامل سوريا

المصدر: غريبة، مازن ومحشي، زكي (2020)، بناء على بيانات منظمات WHO، CBS، و IHD

يتجاوز تردّي القطاع الصحي نقص الكوادر الطبية والتجهيزات الطبية ونقص المرافق الصحية، ليصل القطاعات الأخرى ذات الصلة بالحفاظ على الصحة، مثل قطاع الأدوية؛ فقد أصبحت ظاهرة النقص في الأدوية مقلقة، بدءً من أواخر مارس الماضي، لامتناع المعامل الدوائية عن الإنتاج، بسبب رفض وزارة الصحة تعديل الأسعار لتتناسب مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء، على الرغم من أن الوزارة رفعت أسعار1400 من أصل 11800 صنف دوائي، بين 60% و600%، في العشرين من مايو الماضي، واعتمدت في التسعير الجديد على سعر صرف الدولار التفضيلي، البالغ 704 ليرة بدلًا من السعر الرسمي الذي حدَّده مصرف سوريا المركزي، والمقدر ب 435 ليرة، للأدوية التي تُستورد موادها الأولية بعد مارس 2020، لكن السعر التفضيلي للحكومة لم يحل المشكلة نهائيًا، وظلت كثير من الأدوية غير موجودة في الصيدليات، أو امتنع الصيادلة عن بيع ما هو موجود في انتظار رفع الأسعار.[36]

التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجائحة كوفيد-19

على المستوى العالمي، تسببت، ولا تزال، جائحة كوفيد–19 في آثار اقتصادية عديدة، من بينها، أولًا: الركود الاقتصادي بسبب إجراءات الإغلاق العام التي طُبِّقت للحدّ من أعداد الإصابات وتخفيفًا للضغط على الأنظمة الصحية، ثانيًا: تعطيل التجارة الدولية والتبادل الاقتصادي، ما أدى إلى الإضرار بالاقتصادات المحلية، وثالثًا: ارتفاع نسبة البطالة عالميًا بشكل ملحوظ، ورابعًا: ازدياد التفاوت الاجتماعي بشكل كبير في ظل الجائحة محليًا. وبحسب صندوق النقد الدولي، يُتوقع تراجع النمو الاقتصادي العالمي هذا العام بنسبة ثلاثة في المئة، لتصبح هذه الأزمة «أسوأ من الأزمة المالية عام 2008/2009».[37]

وفي بلد مثل سوريا، تشكل جائحة كوفيد-19 أزمة داخل أزمة،[38] بحسب تعبير وكالة الإغاثة والتنمية في سوريا؛ فهي مهدّدة كونها تشكل «حالة طوارئ مضاعفة»، بحكم «اقتران الجائحة بالنزاع المستمر وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي».[39] لذا يعد متوقعًا مدى سوء عواقبها الاقتصادية والاجتماعية على السوريين، وذلك بسبب؛ أولًا: العمليات العسكرية وتعدّد المتدخِّلين في الوضع السوري، ثانيًا: ضعف مؤسسات الدولة بعد عشرة سنوات من الحرب، ثالثًا: النظام الصحي المتردّي والنقص الكبير في الطواقم والمعدات الطبية، رابعًا: العدد الكبير للنازحين داخليًا والمخيمات، خامسًا: مواجهة سوريا لأسوأ أزمة اقتصادية ومالية لها في تاريخها، مع ما يصاحبها من ارتفاع لمعدلات الفقر والبطالة، سادسًا: السياسات الحكومية المستبدة والفاسدة، سابعًا: العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، وآخرها قانون قيصر 2020، ثامنًا: الأزمة المالية في لبنان، والصراع الداخلي على السلطة في دائرة العائلة الحاكمة. فضلًا عن التفاوت الاجتماعي الكبير الناتج عن سياسات توزيع الدخل غير العادلة، وهو أحد أسبب الاحتجاجات الشعبية قبل 2011، وقد تفاقم التفاوت، خلال العقد الفائت، لمصلحة أمراء الحرب الذين أصبحوا يشكلون الطبقة الاجتماعية الأكثر ثراءً في سوريا.

الوضع الاقتصادي الاجتماعي وتحدياته قبل جائحة كوفيد-19

يوجد في سوريا اليوم نحو سبعة عشر مليون شخص، يعيش معظمهم في أحوال بائسة، ومن بينهم ثلاثة عشر مليونًا بحاجة للمساعدة، إذ يعتمدون على المعونات أو الحوالات الخارجية. بينما يقدر عدد اللاجئين خارج سوريا بـ 5.5 مليون لاجئ، فإن أعداد النازحين في الداخل تقارب سبعة ملايين سوري، يعيشون، منذ 2011، في مخيمات تفتقر إلى الخدمات الصحية والأساسية، مثل المياه النظيفة والتعقيم.[40]

تصاعدت حدة الصراع في شمال غربي سوريا، في ديسمبر 2019؛ ما اضطر نحو مليون شخص إلى الفرار من منازلهم في أكبر موجة تهجير منذ بداية الصراع، حيث يعيش الكثير منهم الآن في مخيمات مكتظة، تعتبر من أكثر المناطق عرضة للخطر في حال تفشي جائحة كوفيد-19. وتمثل النساء والأطفال نسبة ثمانين في المئة من هؤلاء النازحين، وهم في حاجة إلى مساعدات إنسانية مستمرة. وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية (أوتشا)، فإن تكثيف القتال في إدلب وريفها وغربي حلب، دفع 142 ألف شخص للفرار إلى مناطق أخرى في شمال غرب سوريا، خلال أربعة أيام فقط (9–12 فبراير).[41] وبحسب تقرير صادر عن «هيومن رايتس ووتش» في الثالث عشر من مارس 2020، تعرّض 2.6 مليون طفل للتهجير القسري، وهناك نحو مليوني طفل خارج المدارس، كما أن ثلاثين بالمئة من مدارس سوريا إما مدمّرة أو غير صالحة للاستخدام، كما أشار التقرير إلى أن ثمانين بالمئة من سكان سوريا يعيشون تحت خطّ الفقر.[42]

كذلك، يعيش المواطنون غير النازحين، في المدن والقرى التي لم تتعرض للدمار، ويعانون بدورهم من تدهور الأحوال المعيشية وشحّ الخدمات والبضائع الأساسية، مثل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ونقص المحروقات والغاز وارتفاع أسعار الأغذية. فمنذ نهاية عام 2019، انخفضت قيمة الليرة السورية أمام الدولار من 632 ليرة للدولار الأميركي في التاسع عشر من أكتوبر 2019، لتتجاوز 3000 ليرة سوريا للدولار الأميركي في الثامن من يونيو 2020. وتراجعت بذلك القدرة الشرائية للمواطنين، وارتفعت معدلات البطالة، وتراوحت بين خمسين وثمانين في المئة، وتردّت الأوضاع المعيشية لأكثر من ثمانين في المئة من السوريين الذين يعيشون بالأساس تحت خط الفقر.[43]

ارتفعت أسعار المواد الغذائية بصورة متسارعة في جميع أنحاء سوريا، ما زاد الضغوط على الأسر لتلبية حاجاتها الأساسية، إذ ارتفع متوسط أسعار المواد الغذائية بنسبة بلغت سبعة وستون في المئة على مستوى البلاد في عام واحد فقط، بينما ارتفعت الأسعار في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا بنسبة 120 في المئة.[44] وحذرت المتحدثة الإعلامية باسم برنامج الأغذية العالمي، إليزابيث بايرز، من أن نحو ثمان ملايين سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي، في ظل ظهور إصابات بفيروس كوفيد-19.[45] وذكر وكيل الأمين العام للشئون الإنسانية، مارك لوكوك، في إحاطته أمام جلسة مجلس الأمن الدولي في يوليو 2020، أن «حوالي 9.3 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي»، وأن «ستة وثمانين في المئة من الأسر تشتري غذاء أقل جودة، أو كمية غذاء أقل، أو تقلل عدد وجبات الطعام».[46]

وقد طالبت الحكومة السورية وحلفاؤها رسمًيا برفع العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي؛ من أجل تمكين الحكومة من الاستجابة بشكل كافٍ للجائحة، وارتفعت أصوات عديدة بشأن الآثار السلبية للعقوبات على تقديم المساعدات الإنسانية والطبية الملحّة، ما أثار جدلًا حول ما إذا كان ينبغي تعليق العقوبات على سوريا أو رفعها مؤقتًا لتيسير استجابة كافية للجائحة.

برغم أن رفع العقوبات حاليًا عن سوريا بإمكانه تعريض حقوق الإنسان لمزيد من الخطر، وتقويض جهد العدالة والمساءلة، فضلًا عن السماح بإفلات النظام من العقاب بسبب انتهاكاته الجسيمة والمتنوعة. وبالإضافة إلى أنه لا يعد متوقعًا أن يؤدّي رفع العقوبات إلى استجابة طبية وإنسانية كافية لجائحة كوفيد-19؛ إذ توجد أدلة فعلية على أن السلطة السورية حوّلت المساعدات عن مسارها واستخدمتها لمصلحتها خلال المدة 2011-2020، حيث  أثبتت الحكومة السورية دائمًا افتقارها للمصداقية، علاوةً على عدم استعدادها لإعطاء الأولوية لحياة وصحة مواطنيها.[47] إلا أن نظام العقوبات الحالي يحتاج إلى تعديل لتلبية الحاجات الجديدة الناشئة عن الجائحة؛ فعلى الرغم من أن العقوبات تنصّ على «استثناءات» إنسانية، فإن هذه الاستثناءات لا تعمل بفاعلية على أرض الواقع، وتحتاج إلى تعديلات لتحسين عملها.

الآثار الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لجائحة كوفيد-19

قدّر خبراء اقتصاديون الخسائر الاقتصادية الناجمة عن إجراءات الإغلاق التي فرضتها الحكومة السورية في مارس وأبريل 2020 بمبلغ 2 تريليون ليرة سورية، أي نحو مليار دولار أميركي شهريًا.[48] إذ أضرّ إغلاق المتاجر وحظر التجول وتقييد التنقّل بجميع الشركات والورش الحرفية، التي يبلغ عددها 83000 شركة وورشة، والتي كانت قد عادت إلى نشاطها في 2019 بعد صمت السلاح نسبيًا.[49] وعلى الرغم من استثناء مصانع الإنتاج جزئيًا من إجراءات الإغلاق إلا أن القيود المفروضة على التنقّل منعت العمال القاطنين في الضواحي من الوصول إلى أماكن عملهم في المدن، فيما أدى إغلاق الحدود مع المناطق السورية الأخرى، مثل الشمال الغربي والشمال الشرقي، ومع الدول المجاورة –خاصةً لبنان– إلى انخفاض الصادرات، وإعاقة استيراد المواد الخام. وكان قطاع السياحة الأكثر تضررًا من إجراءات الإغلاق بعد أن تعافى بشكل طفيف في السنوات الأخيرة كنتيجة لزيادة السياحة الدينية من إيران. فقد علّقت أكثر من 700 مؤسسة سياحية نشاطها جزئيًا أو كليًا منذ مارس 2020، وتشير التقديرات إلى أن سوريا خسرت من سبعة إلى ثمانية مليون دولار أميركي شهريًا من عائدات السياحة أثناء فترة الإغلاق.[50] ومن المتوقع أن يؤثر تراجع النشاط الاقتصادي على أكثر من نصف مليون وظيفة في قطاعي الصناعة والبناء، وأكثر من 650 ألف وظيفة في الفنادق والمطاعم، بالإضافة إلى معاناة 1.1 مليون شخص يمارسون الأعمال الحرة من انخفاض كبير في دخلهم.[51]

تتضمن أوجه إنفاق الحكومة تمويل العمليات العسكرية، ودعم الحلفاء الخارجيين، ودفع رواتب 1.6 مليون موظف في القطاع العام. وتجدر الإشارة إلى أن نسبة ثلاثين في المئة من الميزانية الحكومية عام 2020 يجب أن تذهب لسداد الدين العام، وأن الإنفاق الإضافي لاحتواء الجائحة سيؤدي إلى زيادة العجز الحكومي.[52] يتضح من الإجراءات المتخذة، عدم فعالية الاستراتيجية الحكومية لمواجهة الجائحة؛ فقد أعلنت عن بعض التعويضات المالية دعمًا للفقراء والذين فقدوا دخلهم بسبب إجراءات الإغلاق، لكن هذه المساعدات –إذا سُلّمت لمستحقيها أصلًا– أقل كثيرًا من المطلوب في ظل التضخم وارتفاع الأسعار. فعلى سبيل المثال، أعلنت الحكومة عن منحة تتراوح بين ثلاثة وعشرين إلى ثلاثين دولارًا أميركيا إضافيًا بشكل شهري للموظفين العاملين في قطاعات الصحة والتعليم والدفاع المدني، كما  خفّضت الضرائب على الواردات، وخفَّفت قيود استيراد المنتجات الغذائية والطبية، مثل الأقنعة والمطهرات.[53] في ظل هذه الأزمات، وغياب مؤسسات الدولة الفعالة، ارتفعت أسعار كثير من المنتجات بشكل حاد، ما ضاعف بدوره من الضغط على الفقراء. فقد ارتفع سعر سلة الغذاء القياسية –تحتوي المواد الغذائية الأساسية التي تحتاجها الأسرة في شهر واحد– بشكل مطرد على أساس شهري، حيث ارتفعت بنسبة اثني عشرة في المئة في أبريل 2020 مقارنةً بشهر مارس، بينما بلغ الارتفاع نسبة 105في المئة مقارنة بأبريل 2019 –وهو أعلى سعر يُسجّل منذ بداية الصراع.[54] وإلى جانب ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية، ارتفعت أسعار المطهّرات والكمامات في بعض المناطق بنسبة 5000 في المئة.[55]

عانت «الإدارة الذاتية» في الشمال الشرقي من انخفاض أسعار النفط العالمية، ما ضاعف من التردي الاقتصادي في ظل الجائحة؛ بحكم اعتمادها بشكل كبير على بيع النفط الخام، والمنتجات الزراعية (الحبوب والقطن)، إلى مناطق سيطرة النظام. بينما كابدت «سلطات المعارضة» في الشمال الغربي انخفاض العائدات التي تأتي من الضرائب، خاصةً تلك القادمة من الحركة الحدودية، إضافة إلى المساعدات الإنسانية الأجنبية.

في الشمال الشرقي والشمال الغربي من البلاد، تراجع النشاط الاقتصادي أيضًا، وارتفعت الأسعار ومعدلات البطالة، إلا أن إغلاق الحدود وتوقّف نشاط العديد من المنظمات غير الحكومية، ضاعف من سوء الوضع الاجتماعي الاقتصادي في هذه المناطق؛ حيث أن غالبية قاطنيها إما نازحون داخليًا أو يعيشون في مخيمات اللجوء. وتعتمد أسواقها على عمليات الاستيراد والتصدير مع مناطق النظام والدول المجاورة كالعراق وتركيا، وبحلول مارس 2020، وتحديدًا مع إغلاق الحدود توقف إنتاج العديد من الحرفيين والمُنتجين الصغار، مثل عمال النسيج والمزارعين، أو واجهوا صعوبات في إيصال منتجاتهم إلى الأسواق.[56]

على امتداد الأراضي السورية، أثرت إجراءات الإغلاق والركود الاقتصادي بشدّة على العمال الذين لا يعملون بشكل رسمي، ولا يملكون ضمانًا اجتماعيًا أو صحيًا، أو مصادر دخل بديلة. ويُشكل هؤلاء العمال السواد الأعظم من العمالة في الشمال الغربي والشمال الشرقي، حيث تفتقر السلطات للقدرات المؤسساتية لاستيعابهم. كما انخفضت الرواتب في بعض شركات القطاع الخاص بنسبة خمسة وعشرين في المئة على الأقل في نهاية مارس.[57]

بسبب الركود العالمي، وانشغال المانحين العالميين بتحدياتهم الخاصة في مواجهة جائحة كوفيد-19 وعواقبها الاقتصادية، لن يتوافر التمويل الكافي لتقديم المساعدات الإنسانية إلى البلدان التي تحتاج إليها؛ ومن ثمّ يُتوقع حدوث تراجع في نشاط المنظمات غير الحكومية والوكالات الإنسانية والتنموية. كما ستنخفض تحويلات السوريين المقيمين في الخارج على المدى القصير إلى المتوسط، إذ يُتوقع فقدان العديد منهم وظائفهم أو يغلقوا أعمالهم في الدول المضيفة، مع العلم أن هذه التحويلات –فضلًا عن كونها مصدر دخل أساسي لملايين العائلات– تشكل حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي السوري؛ إذ تقدر التحويلات المالية عبر لبنان وحده، قبل بدء الجائحة فيه، بنحو 4 ملايين دولار أميركي يوميًا.[58]

كان لجائحة كوفيد-19، وطريقة استجابة الحكومة، تداعيات سياسية طفيفة في الداخل السوري. لم تكن التدابير التي اتخذها النظام كافية لسدّ حاجات السوريين الصحية والغذائية، وظلوا يعانون أحوالًا معيشية قاسية، خاصةً في المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقًا، كدرعا والغوطة الشرقية، والتي لم تحصل إلا على خدمات بسيطة، أو لم تحصل عليها نهائيًا، ما أدى إلى ظهور احتجاجات علنية ردّ عليها النظام بإجراءات قمعية شديدة. على سبيل المثال اندلعت في السابع من يونيو في مدينة السويداء احتجاجات شعبية ندّدت بالأوضاع الاقتصادية الصعبة، وفشل الحكومة في معالجتها، كان من بين هتافاتها «بدنا نعيش بكرامة»، وشعارات أخرى هاجمت رأس النظام شخصيًا، وطالبته بالتنحي وإخراج إيران وروسيا من سوريا.[59] في الوقت نفسه، خرجت احتجاجات في درعا وعدد من البلدات المحيطة بها، وفي بلدة جرمانا جنوب شرقي دمشق، تشكو من الأزمة الاقتصادية، مقابل تجاهل الحكومة.

ظلت هذه الاحتجاجات محصورة في مناطق محدَّدة، ولم يخلق بينها أي ترابط، ومن ثمّ لم تُترجم سياسيًا، وهو ما يوضح صعوبة تحدي السوريين للنظام على الصعيد العام؛ نظرًا للحرب المنهكة التي استمرت أكثر من تسع سنوات، وتثبيت النظام السوري لنفسه في السنوات الأخيرة، بدعم من حليفتيه روسيا وإيران، وغياب المعارضة السياسية المنظمة والجديرة. ومع ذلك، فإن النظام، بحكم ضعفه وعدم استقراره، سيواجه تحدياتٍ وتناقضات عديدة، سياسية واقتصادية، داخلية وخارجية.

استجابة الحكومة السورية لجائحة كوفيد-19

قنوات وآليات الاستجابة

استخدم النظام قنوات وأدوات وشبكات مختلفة في إثر جائحة كوفيد-19، هادفًا إلى ترسيخ استقراره وتعزيز قوته وشبكاته الزبائنية؛ مؤسسات الدولة، المساعدات الإنسانية الدولية، شبكات الولاء. ولهذا رأى أن ظهور مبادرات تضامن مستقلة ومحلية في عُقب الجائحة يشكّل تحديا خطرًا لسلطته.

على الرغم من الحرب والدمار، ظلّ دور مؤسسات الدولة حيويًا في مناطق سيطرة النظام؛ فهي المزوِّد الرئيسي للخدمات العامة الأساسية، مثل توفير الخبز والوقود المدعومَين، والرعاية الصحية والتعليم. ولا تزال الدولة أكبر جهة مشغِّلة في سوريا، إذ يعمل لديها 1.5 مليون عامل بالإضافة إلى 500 ألف متقاعد،[60] وقد ازدادت أهمية التوظيف الحكومي بشكل كبير منذ عام 2011؛ لأن الحرب دمرت جزءًا كبيرًا من القطاع الخاص، وغادر كثيرون البلاد، أو قُتلوا أو تعرضوا لإصابات خطيرة.

لكن الدولة اليوم غير قادرة على تقديم خدمات كافية لشرائح كبيرة من السكان؛ إذ يبلغ الإنفاق الحكومي على الصحة أقل من عشرين دولارًا للفرد، ولا يتجاوز 350-400 مليون دولار سنويًا.[61] وتفتقر الدولة أيضًا إلى الموارد المالية لتعويض ملايين الناس عن الخسائر الاقتصادية التي خلّفتها جائحة كوفيد-19، فضلًا عن وجود تباين في خدمات الدولة السورية، فأكثر المناطق التي تفتقر إلى خدمات الدولة الأساسية في العموم هي تلك التي كانت تحت سيطرة المعارضة سابقًا، والتي شهدت دمارًا كبيرًا على يد النظام وحليفتيه روسيا وإيران.

بلغت المساعدات الإنسانية الدولية المُقدّمة إلى المحتاجين داخل سوريا مليارات الدولارات منذ مارس 2011. وقد اضطرت أغلبية المنظمات الإنسانية الدولية –التي سمحت لها الحكومة بالعمل– إلى ممارسة نشاطها عبر منظمتين غير حكوميتين، لكنهما تعملان تحت إشراف النظام، وهما «الهلال الأحمر العربي السوري»، و«الأمانة السورية للتنمية». ويقدِّم الهلال الأحمر العربي السوري خدمات ومساعدات كثيرة في مناطق النظام. أما الأمانة السورية للتنمية فترتبط مباشرةً بالقصر الجمهوري، ولها نشاط متنوع، ويعمل فيها أكثر من 2500 متطوع في عشر محافظات، ولها حضور قوي في دمشق واللاذقية وأجزاء من ريف دمشق.[62] وتُقدّم نحو  ستين في المئة من مساعدات الأمم المتحدة في سوريا عبر الهلال الأحمر، في حين كان مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين ينسّق مع الأمانة السورية للتنمية أثناء الحرب.[63] تحكم السلطات السورية في المساعدات الإنسانية أتاح لها فرض سيطرة مركزية على برامج المساعدات داخل أراضيها، ومن ثمّ قدرتها على التلاعب بالمساعدات وتوجيهها إلى مناطق بعينها. فقد قيّدت الحكومة توصيل المساعدات إلى المناطق التي كانت تسيطر عليها المعارضة سابقًا،[64] بالإضافة إلى منع توصيل الإمدادات الطبية إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرتها منذ تفشي الجائحة.[65]

النظام السوري يستخدم شبكات نفوذه الخاصة لضمان تنفيذ بعض الخدمات الأساسية، وتعويض جزء من قصوره، فضلًا عن تعزيز سيطرته على المجتمع، وتعد جائحة كوفيد-19 فرصة جديدة له لحشد بعض هذه الشبكات؛ رجال الأعمال، شبكات حزب البعث، منظمات شبابية… إلخ. فقد أنشأ بعض رجال الأعمال المقربين من النظام منظماتهم الخيرية قبل عام 2011، مثل «مؤسسة البستان الخيرية» التي أسسها رامي مخلوف عام 1999، والتي تنشط وتقدم خدماتها في منطقة الساحل، وأنشأ سامر الفوز «جمعية الفوز الخيرية» التي تنشط في اللاذقية ودمشق.[66] وإثر جائحة كوفيد-19، ازدادت مبادرات رجال الأعمال لتوفير الحاجات الأساسية، وحظيت مبادراتهم، غالبًا، بالترويج في وسائل الإعلام الموالية للنظام. ففي أواخر أبريل 2020، أعلن مخلوف عن تبرعه للمحتاجين بمبلغ 500 مليون ليرة سورية، أي نحو 400 ألف دولار حينها.[67] بينما أعلن محمد حمشو في دمشق، أن شركاته ستتعاون مع محافظة دمشق بغية مواجهة الجائحة.[68] وفي حلب، أعلن رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية فارس الشهابي أواخر مارس أن غرفة صناعة حلب ستوزع الخبز مجانًا على المحتاجين في المدينة.[69]

وأعاد النظام في السنوات الأخيرة إحياء دور حزب البعث كأداة إضافية للسيطرة على المجتمع وتعبئة قاعدته الشعبية. ففي دمشق، مثلًا، أطلق فرع الحزب في مطلع أبريل 2020 حملة بعنوان «سوا منقدر»، لتوزيع الخبز والمواد الغذائية الأساسية على السكان المحليين، والمساعدة في حملات التعقيم.[70] وهناك أيضًا المنظمات المدنية، مثل منظمة «بصمة شباب سوريا» التي تنشط داخل مناطق النظام، وتركز عملها على البرامج التي تفيد عائلات القتلى والجرحى من جنود الجيش السوري،[71] وشاركت المنظمة في فعاليات وحملات متنوعة خلال الأزمة التي سببتها الجائحة.

إجراءات الحكومة السورية في مواجهة الجائحة

اتّسمت استجابة الحكومة بالتضليل الإعلامي وغياب الشفافية؛ فقد استمر وزير الصحة السوري في إنكار وجود أي حالات إصابة بفيروس كوفيد-19 حتى شهر مارس، إذ قال في بدايات الأزمة «لا كوفيد-19 في سوريا، لأن الجيش العربي السوري قضى على كل الجراثيم».[72] ووفقًا لبحث أجرته مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، فقد هدّدت الحكومة المستشفيات والأطباء الذين أشاروا إلى وجود حالات إصابة بفيروس كوفيد-19.[73]

واستجابة للجائحة، اتخذت الحكومة مجموعة من التدابير الاحترازية منذ منتصف مارس، وكانت أكثر الإجراءات تأثيرًا على الاقتصاد الضعيف أصلًا هي إغلاق المطاعم والمحالّ التجارية، وتقييد التنقّل وحظر التجمعات، وإغلاق المدارس والجامعات، وتعليق النشاط الاقتصادي، وإغلاق الحدود الخارجية، وتقييد السفر بين المحافظات. كما أعلنت أيضًا حظر تجوال ليلي بدءً من الخامس والعشرين من مارس 2020 حتى السادس والعشرين من مايو، يبدأ من الساعة السادسة مساء ولمدة اثني عشرة ساعة، وقد أدى حظر التجوال في عطلة نهاية الأسبوع، تزامنًا مع الإغلاق القسري للأسواق، بما في ذلك الصيدليات ومحالّ البقالة، إلى ازدياد المصاعب على الشرائح الاجتماعية الأكثر ضعفًا، كالمسنين والنازحين داخليًا والأسر التي تعتمد على المساعدة، كما تسبّبت الإجراءات التي فرضتها على المواطنين من أجل الحصول على المواد الأساسية، بما فيها الخبز والمساعدات الشهرية والغاز، في خلق تجمعات كبيرة من شأنها تسهيل نقل العدوى، الأمر الذي يتنافى مع الهدف من إجراءات فرض حظر التجوال.[74] في المقابل، لم تُخضِع الحكومة الميليشيات الأجنبية الموالية لها إلى أي تقييد في الحركة أو التنقل، ولم تجبرها على التقيّد بمعايير الوقاية العامة، حيث استمرت تلك الميليشيات في استقدام عناصر عبر الحدود، خصوصًا من إيران والعراق ولبنان التي تشهد معدلات إصابة عالية بفيروس كوفيد-19. ونتيجةً للضغوط الاقتصادية، والانتقاد المتزايد لهذه الإجراءات، خفّفت الحكومة من إجراءات الإغلاق تدريجيًا، لتعلن رسميًا في الحادي والثلاثين من مايو إنهاء حظر التجوال، وعودة مؤسسات القطاع العام لممارسة نشاطها المُعتاد.

اتضح مدى ضعف وعشوائية إجراءات الحكومة الصحية في نقص الخدمات الطبية، واكتظاظ المستشفيات الحكومية، وعدم حصول المواطنين على أي مساعدة طبية؛ فعلى سبيل المثال يبلغ سعر مسحة فيروس كوفيد-19 مئة دولار، بينما يبلغ سعرها في لبنان ثلاثون دولارًا، وفي تركيا تسعة عشر دولارًا وفي الصين سبعة دولارات،[75] فضلًا عن محدودية الاختبارات المتوافرة، ما يحجب الحجم الحقيقي لجائحة كوفيد-19، ولذلك يتردد الكثيرون في الذهاب إلى المرافق الطبية طلبًا للرعاية، ما يؤدي بدوره إلى مضاعفات أكثر خطورة عند وصولهم، بحسب مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشئون الإنسانية.[76]

وضعت الحكومة المحجور عليهم من المسافرين في أماكن عزل غير مؤهّلة، تفتقد إلى مستلزمات النظافة وإجراءات الوقاية. وقد تعرّض، حتى الأول من سبتمبر 2020، نحو ثلاثة وعشرين ألف مواطن للحجر، بحسب إحصائيات وزارة الصحة السورية.[77] كما اتخذت الحكومة إجراءاتٍ تعسفية بحق بعض المحجور عليهم ممن احتجوا على ظروف الحجر القاسية وغياب إجراءات الوقاية، حيث احتجزت الحكومة في الرابع عشرة من مايو أكثر من أربعين شابًا من أبناء بلدتي «سقبا» و«كفربطنا» في الغوطة الشرقية، لخرقهم قرار حظر التجوال، واعتُدي عليهم بالضرب، وقد أُطلق سراح ٢٠ شابًا منهم بعد دفع رشاوى تصل إلى ١٠٠ ألف ليرة سورية لعناصر الأمن.[78]

كذا لم تعمل الحكومة على حماية الكادر الطبي الذي يتعامل مع المصابين بفيروس كوفيد-19؛ ففي أوائل سبتمبر 2020، انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات السورية لعدم توفيرها الحماية اللازمة للطواقم الطبية، في بلد يشهد أساسًا ضعفًا في المنظومة الصحية جراء سنوات الحرب،[79] خاصةً بعد أن أعلنت نقابة الأطباء في سوريا في شهر أغسطس 2020 أن واحدًا وستين طبيبًا لاقوا حتفهم بسبب فيروس كوفيد-19 في غضون أيام قليلة. وكان هذا الإعلان تحديًا غير معهود لدولة معروفة برقابتها المشدّدة على المعلومات وعدم التسامح مع التصريحات من خارجها.[80]

لجأت الحكومة إلى تقييد عودة المواطنين السوريين إلى بلدهم بطريقة تخالف حقوق الإنسان والدستور السوري. فمع انتشار جائحة كوفيد-19، بدأت أزمة السوريين العالقين عند الحدود السورية اللبنانية أواخر مارس، الذين كان عليهم الانتظار مدةً تُراوح بين الأسبوعين والشهر قبل الدخول، وتركت الحكومة بعضهم يعانون في العراء أيامًا طويلة.[81] كما منعت الكثير من السوريين في لبنان من دخول بلدهم ما لم يقوموا بتحويل مئة دولار أميركي، وفق سعر الصرف الذي يحدِّده البنك المركزي، بحسب قرار رئاسة مجلس الوزراء الذي صدر في الثامن من يوليو 2020، على الرغم من كون معظمهم من العاملين بنظام الساعة أو اليوم، ولا يملكون مدخرات؛ ما أجبر العشرات منهم على دخول البلد عبر عمليات التهريب بين الحدود، الأمر الذي شكَّل خطرًا على أمنهم وحياتهم، وعرّضهم إلى ملاحقة السلطات لهم، واعتقال/إخفاء ما لا يقل عن سبعة وثلاثين مواطنًا منهم.[82]

جائحة كوفيد–19 مثلت خطرًا جديدًا على المعتقلين في مراكز الاعتقال، يُضاف إلى المخاطر الأخرى المتعلقة بظروف الاعتقال وأماكن الاعتقال التي تطبق فيها سياسة التعذيب الممنهج على نطاقٍ واسع، إضافة إلى انعدام الرعاية الصحية، والنقص الحاد في التغذية والتهوية. وتشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 90212 معتقل جرى توثيقهم بالاسم من قبل مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، ما يعني أن الأرقام الواقعية قد تكون أضعاف ذلك.[83] ولا شك في أن استمرار الحكومة في عمليات الاعتقال، قد يعني احتمال انتقال العدوى إلى أماكن الاعتقال المكتظة، وقد وثّق المركز قيام السلطات، منذ مارس 2020، باعتقال ما لا يقل عن 173 شخصًا.[84]

ويحذِّر كثيرون من أن اكتظاظ الزنزانات بالمعتقلين، ومخالطة عناصر الشرطة لهم بطرق لا تحقق مبدأ التباعد الاجتماعي وإجراءات الوقاية، قد يكون سببًا في انتشار الفيروس بين المعتقلين. علاوةً على استحالة تحقق التباعد الاجتماعي في أماكن احتجازهم؛ إذ يُوضع نحو ثمانين سجينًا في الغرفة الواحدة، كما تزداد نسبة الخطر بشأن المعتقلين الذين يُنقلون إلى المحاكم دون حصولهم على إجراءات الوقاية من كمامات وقفازات ومعقمات.[85]

خاتمة

حاول البحث، استنادًا إلى المعلومات والإحصاءات المتوافرة، استكشاف واقع جائحة كوفيد-19 في سوريا، وطبيعة استجابة الأطراف الفاعلة، خاصةً الحكومة السورية. وتوصل البحث في معظم المحطات التي تناولها إلى وجود تداعيات خطيرة على حقوق الإنسان في سوريا، بحكم عجز وتدمير القطاع الصحي بفعل الصراع المسلح. ويضاف إلى ذلك، عدم اكتراث الحكومة السورية أصلًا لحقوق الإنسان، قبل الجائحة وبعدها، فقد أسهمت، على مدار عقد من الزمن، في قتل السوريين وتعذيبهم وتشريدهم. بينما تختلف نظرة السوريين إلى جائحة كوفيد-19 عن نظرة الكثيرين في العالم، فهي بالنسبة إليهم ليست أكثر من طريقة جديدة وناعمة للموت؛ فمعاناتهم من أهوال الحرب واللجوء والنزوح والاعتقال والأحوال الاقتصادية المتردية، فضلًا عن الآفاق السياسية المسدودة، أعظم وأشد، ولذلك كان تعاطيهم مع الجائحة مرتكزًا على اللامبالاة، في الغالب الأعم.

ظهر في البحث أيضًا أنه لا يمكن توقّع دور إيجابي للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية؛ نظرًا لأن إجراءاتها الإنسانية تحصل غالبًا عن طريق النظام السوري ومنظماته، ولأن الدول نفسها لم تكترث للمأساة السورية التي تعاظمت أمام ناظريها دون السعي بجدية لوقفها. مع ذلك، يحتاج السوريون فعلًا إلى مساعدة العالم لتجاوز كارثتهم، ولا شك أن الدفع باتجاه حل سياسي عادل وشامل يأتي في طليعة الضرورات السورية، فمن دونه لا يُتوقّع أن تثمر المساعدات الإنسانية، أو الجهد المبذول في إطار مواجهة جائحة كوفيد-19؛ حل سياسي يثبت حق السوريين في بناء وطن ديمقراطي بعيدًا من أشكال الاستبداد كافة، بالتزامن مع برنامج وطني للعدالة الانتقالية، وجنبًا إلى جنب مع السير خطوات في الحدّ من الأزمة الاقتصادية العميقة، ومواجهة جائحة كوفيد-19.

[1] للاطلاع على القوانين الضامنة للحق في الصحة بصورة تفصيلية، انظر تقرير «مركز توثيق الانتهاكات في سوريا VDC» بعنوان: الأبعاد القانونية لإجراءات الحكومة السورية في مواجهة جائحة كورونا،  www.vdc-sy.net
[2] المرجع السابق.
[3] فيروس كورونا: منظمة الصحة العالمية تعلن حالة طوارئ صحية عالمية، موقع الأمم المتحدة، 30 يناير 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/P96rt
جامعة جون هوبكينز، Johns Hopkins University، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/PXwdD
[5]بانك، آندريه (2020). جائحة كورونا والصراع السوري، مؤسسة فريدريش إيبرت Friedrich Ebert Stiftung، 3 يوليو.
[6] بعضهم كانوا في سوريا.. باكستان تُسجّل تسع إصابات جديدة بـ«كورونا»، بروكار برس، 10 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/3zive
[7] أبو نبوت، منتصر (2020). كورونا وسوريا.. مخاوف من تفشي كبير للفيروس وشكوك بتكتم النظام على العدد، موقع الجزيرة نت، 25 يوليو، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/ac31w
[8] حمو، عمار ياسر وكريستو، ويليام (2020). خرائط توزع الإصابات والأماكن الأكثر عرضة لوباء «كورونا» في سوريا، موقع «سوريا على طول»، 10 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/2EcV5
[9] جامعة جون هوبكينز، Johns Hopkins University، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/PXwdD
[10] الإدارة الذاتية تعيد فتح معابرها الداخلية أمام حركة المسافرين، آرتا إف إم، 12 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/wIgeg
[11]مؤشر عدد الإصابات بكورونا في مناطق الإدارة الذاتية يواصل الصعود، آرتا إف إم، فيديو، 1 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/51myO
[12]«الإدارة الذاتية» ترفع إصابات «كورونا» في مناطق سيطرتها، شبكة شام الإخبارية، 22 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/IaZMU
[13] الخوف من تفشي فيروس كورونا يعمّ مخيم باريشا للنازحين السوريين في ريف إدلب، موقع الأمم المتحدة، 17 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/CepWx
[14] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة: «العقوبات الاقتصادية، قانون قيصر، وجائحة كوفيد-19 في سوريا»، 8 يونيو 2020، ص 8.
[15] الحافظ، مالك (2020). «كورونا» يتسلّل إلى شمال سوريا من المعابر الحدودية، تقرير على موقع راديو روزانا، 5 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/rdIsg
[16] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة، مرجع سابق، ص7.
[17] خضر، عبد الرحمن (2020). إعلان مدينة الباب السورية منكوبة بسبب كورونا، العربي الجديد، 11 أكتوبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/nD0X0.
[18] المرجع السابق.
[19] سعيد، سلام (2020). جائحة كورونا والاقتصاد السوري، مؤسسة فريدريش إيبرت Friedrich Ebert Stiftung، يوليو، ص3.
المصدر الأصلي: «نشرة مجموعة الصحة»، منظمة الصحة العالمية 2019، سبتمبر، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/3ddzMUt
[20] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة، مرجع سابق، ص8.
[21] المرجع السابق.
[22] المرجع السابق.
[23] المرجع السابق، ص9.
[24] الحافظ، مالك (2020). مرجع سابق.
[25] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة، مرجع سابق، ص9.
[26] المرجع السابق.
[27] المرجع السابق.
[28] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص4.
[29] إبراهيم، محمد عبد الستار (2020). شمال وشرق سوريا: الحياة في زمن وباء «كورونا»، موقع «سوريا على طول»، 18 أغسطس، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/R7TcI
[30] كريستو، ويليام (2020). «قنبلة موقوتة»: عجز إمكانات في مواجهة تزايد حالات فيروس كورونا شمال شرق سوريا، موقع «سوريا على طول»، 6 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/JVsXU
[31] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة، مرجع سابق، ص9.
[32] عز، عمّار (2020). سوريا: لم تعد الأماني كافية، فـ«كوفيد 19» يترصد كبار السن، موقع «درج»، 28 يوليو، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/4OLGM
[33] غريبة، مازن ومحشي، زكي (2020). جائحة كوفيد-19: الاستجابة السورية وقدرة الرعاية الصحية،LSE Research، 25 مارس 2020، ص6، https://cutt.us/8Krco
[34] غريبة، مازن ومحشي، زكي (2020). مرجع سابق، ص6.
[35] المرجع السابق.
[36] شحادة، حبيب (2020). القطاع الصحي السوري يدخل الإنعاش من بوابة نقص الأدوية، 17 يونيو، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/WSZkK
[37] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص3. المصدر الأصلي: «آفاق الاقتصاد العالمي، أبريل 2020: الإغلاق الكبير»، صندوق النقد الدولي، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/37Qm6gV
[38] «في أعقاب حصر إمكانية دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا في معبر واحد، الوكالات الإنسانية تكافح لتلبية احتياجات الأكثر ضعفًا»، موقع الأمم المتحدة، 29 يوليو 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/00T56
[39] العبدة، مارية وباتيل، تشامبا (2020). جائحة كورونا والنساء في سوريا، مؤسسة فريدريش إيبرت Friedrich Ebert Stiftung، يوليو 2020، ص4. المصدر الأصلي: «مناطق أزمات مهددة بـ «حالة طوارئ مضاعفة» بسبب فيروس كورونا»، لجنة الإنقاذ الدولية، 9 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2Vk9tG3
[40] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص3.
[41] أوتشا: 142 ألف نازح في شمال غرب سوريا خلال الأيام الأربعة الماضية فقط، موقع الأمم المتحدة، 13 فبراير 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/d3SWE
[42] أبو حسون، منار ومنينة، أحمد وفياض، عبدو (2020). محاصرون بالرعب.. «كورونا» يزيد خسائر الأطفال السوريين، موقع «درج»، 4 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/qbonq
[43] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص4.
[44] العبدة، مارية وباتيل، تشامبا (2020). مرجع سابق، ص4.
[45] 8 ملايين سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي بالمخيمات في ظل كورونا، موقع «الوفاق» الإلكتروني التابع لمؤسسة إيران الثقافية، 13 مايو 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/LC5gN
[46] في أعقاب حصر إمكانية دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا في معبر واحد…، مرجع سابق، https://cutt.us/00T56
[47] للاطلاع على مناقشة مسألة رفـع العقوبـات عن النظام السوري من النواحي القانونية والسياسية بصورة تفصيلية، انظر تقرير «مركز توثيق الانتهاكات في سوريا VDC » بعنوان: الأبعاد القانونية لإجراءات الحكومة السورية في مواجهة جائحة كورونا، www.vdc-sy.net
[48] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص4. المصدر الأصلي: صقر، كامل (2020)، كورونا يضرب الاقتصاد السوري، القدس العربي، 13 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2UBsTG5
[49] المرجع السابق، ص4.
[50] المرجع السابق.
[51] المرجع السابق.
[52] المرجع السابق، ص5.
[53] المرجع السابق، ص5. المصدر الأصلي: قرار يسمح للمصارف بتأجيل أقساط القروض لمدة ثلاثة أشهر، صحيفة «عنب بلدي»، 26 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/30WWZYj
[54] برنامج الأغذية العالمي: أكثر من 47 مليون شخص في الشرق الأوسط سيعانون من انعدام الأمن الغذائي بسبب كوفيد-19، موقع الأمم المتحدة، 12 مايو 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/esQQS
[55] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص5. المصدر الأصلي: أدفاني، روهان (2020)، كيف سيؤثر كورونا على الاقتصاد السوري الهش، موقع «سوريا على طول»، 8 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2YU4NHR
[56] سعيد، سلام (2020). مرجع سابق، ص5. المصدر الأصلي: إبراهيم، محمد (2020)، الأوضاع المعيشية وبدء الموسم الزراعي يعيقان جهود احتواء كورونا شمال شرق سوريا، موقع «سوريا على طول»، 27 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2NffSh3
[57] بانك، آندريه (2020). مرجع سابق، ص3. المصدر الأصلي: الاقتصاد اليوم، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2ZCj0ee
[58] المرجع السابق، ص6.
[59] مظاهرات السويداء: لماذا كسر أهل المحافظة حاجز الصمت؟، أخبار بي بي سي عربي، 8 يونيو 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/21uWt
[60] ضاهر، جوزيف (2020). جائحة كورونا والنظام السوري، مؤسسة فريدريش إيبرت Friedrich Ebert Stiftung، يوليو 2020، ص3. المصدر الأصلي: محمود، عشتار (2019). كتلة زيادة الأجور الفعلية 162 مليار ليرة فقط، “قاسيون”، 25 نوفمبر، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/IKlC0
[61] المرجع السابق، ص3.
[62] المرجع السابق، ص4. المصدر الأصلي: مسعود، عبد المنعم (2020). إنتاج مخابز ريف دمشق غير كافٍ!، صحيفة الوطن، 26 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/3aLkplv
[63] المرجع السابق، ص4.
[64] المرجع السابق، ص4. المصدر الأصلي: حايد، حايد (2019). المعونة المبدئية في سوريا، تشاتام هاوس، يوليو 2019، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2V6Dnwh
[65] المرجع السابق، ص4. المصدر الأصلي: «سوريا: القيود على المساعدات تعيق الاستجابة لفيروس كورونا»، هيومن رايتس ووتش، 28 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2WAq4Xd
[66] المرجع السابق، ص5.
[67] المرجع السابق.
[68] المرجع السابق، ص5. المصدر الأصلي: عبد الرزاق، عدنان (2020). السوريون ينشدون المساعدة، العربي الجديد، 3 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2LPFWyP
[69] المرجع السابق، ص5. المصدر الأصلي: خبز مجاني لمنع الطوابير والازدحام، سناك سوري، 25 مارس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2V3h0bm
[70] المرجع السابق، ص5. المصدر الأصلي: أمين فرع دمشق للوطن: 500 بعثي متطوع، صحيفة الوطن، 6 أبريل 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://bit.ly/2V7ZSB4
[71] المرجع السابق، ص5.
[72]الأحمد، أحمد (2020)، كورونا سوريا… عالج نفسك بنفسك، موقع «درج»، 26 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/dDaci
[73] تقرير المركز السوري للعدالة والمساءلة، مرجع سابق، ص8.
[74] تقرير مركز توثيق الانتهاكات، ص4.
[75] الأحمد، أحمد (2020)، كورونا سوريا…، مرجع سابق.
[76] سوريا: كوفيد-19 ينتشر على «نطاق واسع»، موقع الأمم المتحدة، 27 أغسطس 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/I2aQw
[77] شحادة، حبيب (2020)، سوريا: القطاع الصحي في آخر مراحل السيطرة بعد تفشي «كورونا»، 1 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/WVrii
[78] تقرير مركز توثيق الانتهاكات، مرجع سابق، ص16.
[79] عدد وفيات «مرعب».. كورونا يخرج عن السيطرة في سوريا، موقع قناة الحرة، 26 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/TBVot
[80] المرجع السابق.
[81] تقرير مركز توثيق الانتهاكات، مرجع سابق، ص18.
[82] تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، موقع السفارة السورية في قطر، 10 سبتمبر 2020، تاريخ الاطلاع 15 أكتوبر 2020، https://cutt.us/lFvBw
[83] تقرير مركز توثيق الانتهاكات، مرجع سابق، ص19.
[84] المرجع السابق، ص19.
[85] المرجع السابق، ص20.

Read this post in: English

Exit mobile version