أزمة التحول الديمقراطي في تونس: الأسباب والمؤشرات والدروس المستخلصة

حمل هذا المقال كبي دي إف

الإشارة المرجعية: البنا، أسماء (2022). أزمة التحول الديمقراطي في تونس: الأسباب والمؤشرات والدروس المستخلصة. رواق عربي، 27 (3)، 37-49. https://doi.org/10.53833/RWTV8241

خلاصة

مثلت تجربة التحول الديمقراطي في تونس حالة فريدة في المنطقة العربية قبلما يتعرض مسارها للانحراف والتعثر. وتمثل الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها تونس أكثر اللحظات اضطرابًا. تهدف الدراسة لتسليط الضوء على أسباب فشل عملية التحول الديمقراطي في تونس، والدروس التي يمكن استخلاصها من هذه التجربة. واعتمدت الدراسة على تعريف مفهوم التحول الديمقراطي كمدخل نظري، وعلى المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتفسير ظاهرة فشل التحول الديمقراطي في تونس. تنتهي الدراسة لخلاصات مفادها أنه برغم توافر آليات التحول الديمقراطي المختلفة في تونس، مثل التداول السلمي للسلطة وضمانات الحقوق والحريات في الدساتير التونسية ووجود دستور توافقي ومؤسسات انتقالية تشاركية، إلا أن التجربة في تونس قد تعثرت. كما خلصت الدراسة لأهم الدروس التي يمكن استخلاصها من هذا التعثر، وتتمثل في: أهمية عامل التنمية الاقتصادية في تحقيق التحول الديمقراطي، وأن التداول السلمي للسلطة غير كاف لنجاح عملية التحول، إلى جانب ضرورة العمل على بناء توافقات حقيقية بين النخب والمعارضة، وأخيرًا أن غياب المؤسسات الدستورية قد يعيق التحول الديمقراطي.

مقدمة

نال موضوع التحول الديمقراطي اهتمامًا كبيرًا على المستوى الأكاديمي في العقود الأخيرة من القرن العشرين. فمنذ منتصف السبعينيات شهد العالم ما أصبح يعرف بـ «الموجة الثالثة للتحول الديمقراطي». والتي انطلقت من جنوب أوروبا في البرتغال 1974 ثم إسبانيا واليونان. امتدت هذه الموجة في الثمانينيات لتضم العديد من دول أمريكا الجنوبية وبعض أجزاء آسيا وبعدها إلى أفريقيا في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات. واللافت للنظر أن المنطقة العربية شكلت الاستثناء الديمقراطي خلال هذه الموجة. ولقد انتهت ظاهرة الاستثناء الديمقراطي العربي بعد اندلاع الانتفاضات العربية في 2011 التي بدأت من تونس.[1] ومثلت التجربة التونسية استثناءً حقيقيًا في مسارات الربيع العربي يمكن الاحتذاء به في الانتقال إلى سلطة شرعية تعددية ديمقراطية. إلا أن الأزمات البنيوية والتأسيسية لتجربة التحول الديمقراطي في تونس جعلت التجربة تراوح مكانها وتعود إلى نقطة الانطلاق.[2]

ولقد شكلت قضية «التحول الديمقراطي» مبحثًا رئيسيًا في حقل العلوم السياسية منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، ظهر عدد كبير من الدراسات التي تناولت إشكالية التحول الديمقراطي على مستويات مختلفة. وقد اهتمت أدبيات التحول الديمقراطي بفحص ومناقشة طائفة واسعة من القضايا والمتغيرات المتصلة بعملية التحول، سواء من حيث مدخلاتها (الأسباب)، أو أنماطها (طرق الانتقال)، أو مخرجاتها (طبيعة النظم السياسية في مرحلة ما بعد الانتقال).[3]

يشير مفهوم «التحول الديمقراطي» من الناحية النظرية إلى مرحلة وسيطة –تشهد في الأغلب الأعم مراحل فرعية– يتم خلالها تفكيك النظام غير الديمقراطي القديم أو هدمه وبناء نظام ديمقراطي جديد. عادةً ما تشمل عملية التحول مختلف عناصر النظام السياسي مثل البنية الدستورية والقانونية، والمؤسسات والعمليات السياسية، وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مرحلة التحول إلى الديمقراطية قد تشهد صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين.

العديد من الأدبيات تعتبر أن عملية التحول الديمقراطي قد اكتملت متى ما توفرت عدة مؤشرات منها: وضع ترتيبات دستورية ومؤسسية بالتوافق بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين بشأن النظام السياسي الجديد، خاصة فيما يتعلق بإصدار دستور جديد، وتشكيل حكومة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية، فضلًا عن عدم وجود قوى أخرى تنازع السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاته.[4]

ورغم اختلاف الباحثين حول تعريف مراحل الانتقال إلى الديمقراطية، إلا أنه يمكن تحديد ثلاثة مراحل: انهيار النظام السلطوي، مرحلة التحول الديمقراطي، مرحلة الرسوخ الديمقراطي. ويرى الباحثون أن أهم المراحل الثلاثة، وأكثرها خطرًا، هي المرحلة الثانية؛ بسبب الاحتمالات المتزايدة للتعرض لانتكاسات سياسية نتيجة للتركيبة الهجينة للنظام السياسي، إذ أنه حال عدم استقرار البناء المؤسسي الذي أنشأته تلك المرحلة، فقد تبدأ عملية انتقال ثانية، أو تحدث عودة إلى شكل متطور من النظام القديم، فيما يُعرف بالارتداد السلطوي، أو السلطوية الجديدة.[5]

أما أنماط التحول الديمقراطي، فتتعدد طبقًا لاختلاف الفاعلين في العملية وتتمثل في: الانتقال من أعلى (دور النخبة الحاكمة)، الانتقال من أسفل (دور الجماهير)، الانتقال عن طريق الفرض بالقوة الخارجية (التدخل العسكري من دولة أخرى نموذجًا)، نمط التفاوض بين النخبة الحاكمة والمعارضة، الانتقال عن طريق الحركات الاحتجاجية والاجتماعية.[6]

وقد بدأ التحول الديمقراطي في تونس من خلال نمط الانتقال من أسفل. ويرتبط هذا النمط بالحشد والتعبئة الشعبية في مواجهة النظام السلطوي، وازدياد حالة الاحتقان في الشارع ضده، بسبب تردي أوضاع النظام السياسي وضعفه، وتراجع مصداقيته، ما يؤدي لزيادة مشاعر العدائية ضد النظام من جانب الشعب، وانضمام المعارضة التقليدية لهذا الحراك. وتختلف ردة فعل الأنظمة في مواجهة هذه التعبئة، فالأنظمة التي تتسم بنوع من الهشاشة والضعف الشديد، وانحسار القاعدة الشعبية لها، ستؤدي تلك الاحتجاجات إلى انهيارها بشكل تام، مثلما حدث في تونس. وتكمن مشكلة هذا النمط في عدم الاستقرار والارتباك وغياب الثقة بين اللاعبين السياسيين، لذلك تتسم عملية الانتقال إلى الديمقراطية في هذا النمط عادةً بالتردد وعدم اليقين، وقد تؤدي لإفراز أنظمة سلطوية جديدة، إذا لم تكتمل عملية الانتقال إلى الديمقراطية.[7] تحاول هذه الورقة الوقوف على عوامل التعثر الديمقراطي في تونس وما يمكن الخروج به من دروس من هذه التجربة. ومن ثم تطرح الدراسة الإشكالية التالية: ما هي أسباب تعثر التحول الديمقراطي في تونس وما هي الدروس التي يمكن استخلاصها من التجربة؟ وفي سبيل الإجابة على تلك الإشكالية تستخدم الورقة المنهج الوصفي التحليلي لفهم تجربة التحول الديمقراطي في تونس. وتتطرق الدراسة بداية لمراحل التحول الديمقراطي في تونس، وصولًا للدستور الجديد، ثم تناقش أسباب ومؤشرات التحول الديمقراطي في تونس، وأخيرًا تتناول الدروس المستخلصة من فشل تجربة التحول الديمقراطي.

مراحل التحول الديمقراطي وصولًا إلى الدستور الجديد

انطلقت الثورة التونسية في السابع عشر من ديسمبر 2010 بعدما أشعل محمد البوعزيزي النار في نفسه كردة فعل على منع إحدى الشرطيات للسماح له بالبيع بعربيته الخاصة بمدينة سيدي بو زيد التونسية. وقد تسبب هذا الحدث في خروج آلاف التونسيين مطالبين بإسقاط النظام. مما دفع زين الدين العابدين بن علي للهروب للخارج.[8] يعد هذا الحدث بدايةً لمرحلة التحول الديمقراطي في تونس. وبعد ذلك تم تعيين محمد الغنوشي الوزير الأول لنظام بن علي رئيسًا مؤقتًا للبلاد، ثم تم تعيين رئيس مجلس النواب فؤاد المبزغ بدلًا منه –وفقًا للمادة 57 من الدستور التونسي. واتفقت القوى والأحزاب السياسية في تونس على إجراء انتخابات برلمانية.[9] أفرزت انتخابات المجلس التأسيسي 2011 خريطة حزبية جديدة أظهرت مجموعة من القوى والأحزاب لم تكن تمتلك حضورًا في المرحلة السابقة؛ إذ تصدر حزب النهضة الانتخابات، تلاه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، ثم تيار العريضة الشعبية. وبناءً على ذلك تم تشكيل ائتلاف الترويكا.[10] كما تم تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، والتي بدورها أنشئت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات.[11]

وخلال الأعوام الثلاثة اللاحقة، شهد الانتقال الديمقراطي في تونس اضطرابات كثيرة، ولكنه أنتج بحلول العام 2014 بعد العديد من المشاورات والاتفاقات بين الأطراف المختلفة دستورًا ديمقراطيًا على أساس توافق سياسي واسع، أسفر عن انتخاب رئيس ومجلس نواب في انتخابات حرة ونزيهة.[12] ولم تبتعد انتخابات 2014 كثيرًا من حيث النتائج عن انتخابات 2011، إذ لم تسمح بحصول أي حزب على أغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل الحكومة منفردًا دون الحاجة للتفاوض مع أحزاب أخرى. وبعد مشاورات بين الأحزاب، تشكلت حكومة الحبيب الصيد وتم إدخال العديد من التعديلات عليها لتضم أربعة أحزاب ومستقلين. وفي يونيو 2016، أطلق الباجي قائد السبسي (رئيس الدولة حينها) مبادرة تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقد توجت المشاورات بين الأطراف المختلفة بتوقيع عدد من الأحزاب والمنظمات على وثيقة قرطاج، والتي تلخص أولويات حكومة الوحدة الوطنية، وتم سحب الثقة من حكومة الحبيب الصيد واقتراح يوسف الشاهد ليصبح رئيس الحكومة الجديدة.[13]

ومنذ الانتخابات التشريعية والرئاسية للعام 2019، تشهد تونس حراكًا سياسيًا وخلافات جوهرية غير مسبوقة؛ ترجع إلى الصراعات السياسية بين مؤسسات الحكم وحالة الضعف التي يمر بها البرلمان التونسي. وصلت تلك الصراعات إلى مداها في يوليو 2021 حينما أقال قيس سعيد رئيس الدولة، رئيس الوزراء وجمد أعمال البرلمان. تلك الخطوة تزيح الستار عن الصراع الدائر وراء الكواليس بين رئيس الحكومة، ورئيس الدولة، والبرلمان.[14] وفي الثاني والعشرين من سبتمبر 2021، أصدر المرسوم الرئاسي رقم 117-2021، والذي علق بموجبه العمل بالجزء الأكبر من الدستور، ومنح للرئيس الحق الحصري في سن قوانين بالمراسيم الرئاسية، وحل الهيئة المؤقتة لمراجعة دستورية القوانين، ومنع الجميع من إبطال القوانين عبر المحكمة الإدارية التونسية. وفي الثاني عشر من فبراير 2022، حل سعيد المجلس الأعلى للقضاء –أعلى هيئة قضائية مستقلة أنشئت في 2016 لحماية القضاء من نفوذ الحكومة. وهكذا أضعف سعيد استقلالية القضاء، ومنح نفسه صلاحيات واسعة للتدخل في عمل السلطة القضائية.[15]

في الثلاثين من يونيو 2022، واستكمالًا لخطوات سعيد في التفرد بالسلطة، نشرت رئاسة الجمهورية مسودة مشروع الدستور. نصت المسودة الجديدة على ترسيخ الإسلام كدين للدولة،[16] وتقييد الحقوق والحريات.[17] كما تضمنت المسودة منح استقلالية وسلطات واسعة لرئيس الدولة على حساب كلًا رئيس الحكومة والبرلمان.[18] وفي الثامن من يوليو تم نشر نسخة ثانية من نص مشروع الدستور، وأُدخلت عليها العديد من التعديلات التي بررها الرئيس بوجود أخطاء إملائية وترقيمية. وسواء تعلق الأمر بالمضمون أم بالإجراءات، رسخ قيس سعيد على مدى شهور من حكمه –بشكل واعي– فكرة أن هذا الاستفتاء هو استفتاء حول شخصه وولايته أكثر منه سؤال حقيقي حول موافقة المواطنين على الدستور الجديد أو رفضهم له.[19] بمعنى أن الموافقة على هذا الدستور هي بمثابة موافقة ضمنية على الخطوات والسياسات التي يتبناها سعيد منذ تولي السلطة من عزل وإقصاء وتعسف بحق أجهزة الدولة المختلفة، مثل القضاء والبرلمان ورئيس الحكومة، بحجة أن هذه المؤسسات هي السبب فيما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية.[20]

وفي الخامس والعشرين من يوليو 2022، نظم سعيد استفتاءً حول اعتماد الدستور الجديد. وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، بينت نتائج الاستفتاء فوزًا ساحقًا للمصوتين بنعم بنسبة 94%، بينما بلغت نسبة التصويت بلا 5%، والباقي تقاسمته الأصوات البيضاء والأوراق الملغاة، إلا أن المشاركة في عملية الاستفتاء كانت منخفضة وبلغت 30%.[21] تلك النسبة المنخفضة للمشاركة في الاستفتاء تضع الشرعية الشعبية للدستور الجديد محل تساؤل. ويصعب على الرئيس الدفاع عن هذه النسبة المتدنية؛ إذ لم يستجب ما يقرب من ثلاثة من أصل كل أربعة تونسيين لدعوته، رغم حملة التعبئة التي وظفت خدمات ومصالح الدولة بشكل غير قانوني لتنشيط الحملة المكرسة للحث على التصويت بنعم –مثل استخدام مراكز الشباب، وسائل الإعلام العامة، سيارات الإدارة، وما إلى ذلك. أكد انخفاض نسبة الإقبال ما كانت تدل عليه كل المؤشرات منذ تولي سعيد السلطة رغم الخطاب الشعبوي لقيس سعيد، الذي قدم نفسه فيه باعتباره يجسد إرادة الشعب، لم يتحمس الشعب لمشروع الرئيس ولم يندفع لينخرط فيه. وفي أحسن الحالات، بإمكان الرئيس الادعاء أن قرابة ربع التونسيين يدعمون مشروعه للإصلاح الدستوري، وهو ما يشكل قاعدةً محدودة للغاية.[22]

ودون انتظار إعلان النتائج النهائية، نشر قيس سعيد الدستور في الجريدة الرسمية للجمهورية التونسية، ليُدخل البلاد في جمهورية ثالثة تتسم بنزعة رئاسية مبالغ فيها، تتيح للرئيس الانفراد بالسلطة. ويدخل الدستور الجديد تغييرات هامة على دستور 2014، بإنشائه نظام رئاسي يعتمد على عدم خضوع رئيس الجمهورية للمساءلة أمام أجهزة الدولة الأخرى –فليس بوسع البرلمان عزل الرئيس من منصبه، كما يفقد رئيس الحكومة العديد من الصلاحيات والسلطات ويصبح تعيينه من اختصاصات رئيس الجمهورية. إلى جانب تقليص السلطة القضائية، لتصبح مجرد وظيفة، والقضاء على السلطة المحلية التي تمثل حجر الزاوية لدستور 2014. علاوة على ذلك، فإن النص الجديد يشير مجددًا للمستويات الأساسية الدنيا من الحقوق والحريات، ولكنه يشدد الخناق حول القيود المحتملة بموجب القانون، إذ ينص الفصل الخامس والخمسون من الباب الثاني أنه يمكن وضع قيود على الحقوق والحريات لضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام دون توضيح ضوابط أو معايير لتحديد وتعريف نطاق هذا الأمن العام أو من يحدده وتحت أي ظروف. كذلك يتضمن الفصل الخامس في الباب الأول أن الإسلام هو دين الدولة وتعمل الدولة على تحقيق مقاصده، وقد أثارت تلك المادة نقاشات حادة في البلاد؛ تخوفًا من اتساع رقعة ونفوذ الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية واستغلالها لذلك.[23]

أسباب أزمة التحول الديمقراطي

بدأت العلوم السياسية في السنوات الأخيرة تولي اهتمامًًا بتفسير عوامل تفكك الديمقراطيات وانهيارها، بعدما كان محور تركيز هذا الحقل منذ الثمانينيات من القرن العشرين ينصب على ظروف التحول صوب الديمقراطية. وتفترض أدبيات تفكك الديمقراطيات أن التفكك يكون عادةً نتاج تفاعل بين ثلاث متغيرات؛ الأول هو تفاقم الانقسامات المجتمعية، والتي تتحول بدورها إلى انقسامات سياسية يتم التعبئة السياسية على أساسها. وقد تأخذ هذه الانقسامات أنماطًا طبقية أو اقتصادية أو دينية أو إثنية أو مناطقية. فيما يتمثل المتغير الثاني في هشاشة المؤسسات السياسية القائمة وعدم قدرتها على احتواء هذه الانقسامات السياسية أو التخفيف منها، أو مواجهة الأزمات السياسية والاجتماعية الحادة التي يواجها النظام السياسي. بينما يتمثل المتغير الثالث في طبيعة اختيارات (وسلوك) النخب السياسية، والتي قد تحمي النظام الديمقراطي، أو تسهل من تفككه.[24] وتمثل الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها تونس أكثر اللحظات اضطرابًا في عملية ترسيخ الديمقراطية منذ عام 2013. وتنقسم أسباب فشل التحول الديمقراطي في تونس لعدة أسباب؛ أهمها:

إخفاق النخبة السياسية والحزبية

ظلت الخطوات المتخذة نحو الحكم وإدارة المرحلة الانتقالية متعثرة؛ إذ أخفقت النخب السياسية المتعاقبة على الحكم إخفاقًا ذريعًا أحيانًا، حين عجزت عن تلبية تطلعات فئات اجتماعية واسعة –على سبيل المثال، سكان دواخل البلاد وأريافها وشباب أحزمة المدن المهمشة– في العمل والتنمية والخدمات الاجتماعية، الأمر الذي أدى لتفاقم مشاعر الحرمان والإحباط، وشكل بدوره تهديدًا لتجربة التحول الديمقراطي برمتها.[25] الصراع بين النخب السياسية الحاكمة في تونس تسبب منذ بداية التحول الديمقراطي في الإطاحة بعدد من الحكومات، واستمرار انهيار الاقتصاد التونسي العالق في أزمة مستفحلة، إلى جانب غياب الإصلاحات المطلوبة وانقسام النخب السياسية الحاكمة وتآكل شرعيتها. ومنذ سنوات عديدة، تسير الأوضاع في تونس نحو الأسوأ. على مدار الفترة بين 2011 و2013، نشبت معارك سياسية نتيجة الصراع بين نخب إسلامية وعلمانية، وانتهت لمصالحة هشة وتوافق على وضع دستور 2014، الذي أسس بدوره لنظام هجين ومختلط نجم عنه صراع جديد بين الرئاسات. كما أدى الصراع بين النخب إلى سيادة حالة من الفوضى وغياب الرؤى السياسية، كما أسهم في انهيارات اقتصادية واجتماعية، وغياب دور الدولة في التخطيط التنموي بما يراعي التوازنات الطبقية والجهوية، مقابل جنوح مجموعات وقوى حزبية إلى نهج من الابتزاز والسعي للسيطرة على مفاصل الدولة من أجل مصالحها، وتمتين علاقات المصالح مع قوى المال والأعمال وشبكات الفساد، الأمر الذي أسهم بدوره في زيادة حدة معاناة الفئات الوسطى والفقيرة، وفتور حماسها في الانخراط في المجال العام، والعزوف عن التفاعل مع متطلبات الانتقال الديمقراطي بعد الثورة. بينما لم تفرز القوى والأحزاب السياسية والمؤسسات الاجتماعية سوى أجهزة بيروقراطية، استشرى فيها الفساد، وتحولت لجماعات ريعية تنهب ثروات الدولة، ولا تكترث بمصالح الشعب وحاجاته.[26]

بالإضافة إلى ذلك غابت الممارسات الديمقراطية داخل الأحزاب نفسها ولم تتطور هياكلها. ففي واقع الأمر تصرفت الأحزاب وفق توجهات نفعية وطرحت مطالب ضيقة وفئوية، وتمادت في نهجها بشكل أضر بالدولة والمجتمع؛ ما أفضى لنشوء فجوات كبيرة بين هذه النخب والعامة من الشعب التونسي الذين شعروا بالإحباط وخيبة الأمل من الأحزاب والمؤسسات القائمة، وإلى فقدانهم الثقة في الآليات والإجراءات الديمقراطية، بعدما تمادت القوى الحزبية في ممارستها.[27] لذلك ارتفعت أصوات نقدية داخل الأحزاب القائمة، تطالب قياداتها بالتنحي وإفساح المجال أمام قيادات شابة جديدة، وتلقي باللوم على سلوكها وتصرفاتها وتحالفاتها التي أفضت للنكوص في مسار التحول الديمقراطي المنشود.[28] وكانت النتيجة هي حكومات متعاقبة وكثيرة لكن دون إنجازات تُذكر، وهناك عدد من أجهزة الدولة ومؤسساتها مشلول أو معطل. إذ وصل الأمر منذ يوليو 2021 إلى مستوى القطيعة والصراع العلني، بين رئيس الجمهورية من جهة، والحكومة والبرلمان من جهة أخرى؛ ما شحن المناخ العام بمزيد من التوتر والغليان. كل ذلك أعاق التفكير أو البحث، طبعًا، في إنعاش الاقتصاد أو تحسين أوضاع الناس المعيشية.[29]

غياب التنشئة السياسية

مثلت ثنائية التنشئة السياسية من خلال التعليم وتجربة الانتقال الديمقراطي مجالًا لنقاش عميق في الأدبيات. فلا أحد ينكر أن المكونات المدرسية لا تهدف لنقل المعارف فقط، وإنما إلى التنشئة السياسية وترسيخ قيم الديمقراطية، وأن الحياة المدرسية ليست فضاءات ومساحات بل دينامية تربوية تهدف لتدعيم قيم المواطنة والديمقراطية. وبالتالي تمثل المدرسة أهمية استراتيجية في مراحل التحولات المجتمعية.[30] عند النظر إلى نموذج مصغر للشباب التونسيين، خاصةً في المحافظات المهمشة التي لم تستفد من الناحية الاجتماعية والاقتصادية من التحول الديمقراطي، يُلاحَظ أن التنشئة السياسية خلال العقد الماضي، لم تُسفر عن إسهام حقيقي في نقل المعرفة بالديمقراطية أو صياغة مواقف ديمقراطية. فكان هناك دائمًا بعض القصور في التنشئة الاجتماعية الديمقراطية من خلال الوسائل المؤسسية، لا سيما نظام المدارس العامة؛ فالتغيرات التي شهدها النظام السياسي التونسي منذ 2011 لم تبرز بأي شكل هادف من خلال المناهج الدراسية. وفي الواقع، مع أن هناك برامج لتدريس التاريخ والتربية المدنية في نظام المدارس العامة منذ العام 1956، لم يتم تحديث هذه المناهج بشكل كبير منذ العام 2002، بل قاومت وزارة التعليم إجراء أي تحديثات كبرى على الكتب المدرسية ومناهج المدارس فيما يتصل بأحداث 2011 والنظام السياسي الجديد المعمول به؛ إذ لا تزال وذلك تحديدًا لأن البلاد لا تزال في مرحلة انتقالية وما زالت الصراعات الأيديولوجية والسياسية تمثل نقاط توتر. ونتيجة لذلك، لا يوجد مشروع واسع النطاق ضمن النظام التعليمي لطرح مفاهيم جديدة للمواطنة والديمقراطية وممارستها، أو لوضع إطار مشترك لفهم الاختلافات بين النظام السابق والنظام الحالي، أو لفهم التحديات والفرص الحالية التي تواجه المرحلة الانتقالية في تونس.[31]

وفي المقابل، لا تزال المفاهيم والقيم السياسية تنتقل إلى حد كبير من جيل إلى جيل داخل الأسر وعبر الأوساط الاجتماعية –مثل المقاهي ومراكز الشباب. ولا يزال الشباب في المناطق المهمشة –الذين يعانون من عدم وجود خيارات العمل اللائق والعزلة الجغرافية والثقافية المستمرة، فضلًا عن أنهم لا يستفيدون من الشكل المحدث للتنشئة الاجتماعية السياسية من خلال النظام المدرسي– لا يثقون كثيرًا بالمؤسسات والعملية الديمقراطية.[32] ويبدو أن عزوف الشباب عن دعم النظام السياسي الحالي له آثار هامة على ترسيخ الديمقراطية على المدى الطويل، لا سيما خلال هذه الأزمة؛ إذ فشل الانتقال الديمقراطي والطبقة السياسية في خلق انطباع إيجابي حول الحياة السياسة، ولم تحدث نقلة نوعية في التنشئة السياسية للشباب. بل أن الطبقة السياسية تسببت في نتائج عكسية، من خلال انتشار قضايا الفساد وتحويل فضاءات التواصل الاجتماعي والمنابر الإعلامية إلى فضاءات لتبادل الاتهامات والشتائم بين الفرقاء السياسيين. كما تجلي خطاب عنيف ومتوتر تجاه المعارضة، ما أدى بدوره لخلق صور نمطية لدى الشباب تقلل من قيمة المشاركة السياسية والعمل السياسي والمشاركة في المجال العام. كما سيطرت حالة من الغضب الشبابي المتصاعد ضد السياسة والسياسيين انعكست على أنماط المشاركة السياسية للشباب، دافعةً الشباب للمشاركة في الاحتجاجات بدلًا من الانخراط في الأحزاب السياسية.[33]

التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي

تنقسم الأدبيات التي تتناول العلاقة بين التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي إلى اتجاهين؛ الاتجاه الأول يفترض عدم وجود علاقة ضرورية بين الديمقراطية والتنمية.[34] بينما يرى الاتجاه الثاني أن العلاقة وثيقة بين الديمقراطية والتنمية الاقتصادية، ويذهب إلى أن المتغير الاقتصادي هو الأهم، وأن نقطة البدء في عملية التحول الديمقراطي هي التنمية الاقتصادية وبعد إنجازها ستتحقق التنمية السياسية.[35] ويري «مارتن ليبست» أن الرأسمالية تمثل قلب الديمقراطية، وقد افترض، بناءً على مقارنات بين الدول، وجود تطابق بين التنمية الاقتصادية والنظام الديمقراطي؛ فالتنمية الاقتصادية ترتبط بازدياد التعليم والاتجاه نحو المزيد من المشاركة، كما أنها تضعف من حدة التفاعلات السياسية، وتُنشئ مصالح متقاطعة وانتماءات متعددة تعمل على تسهيل بناء الإجماع الديمقراطي والاستقرار السياسي.[36] رغم ذلك واجهت هذه الفرضية بعض النقد؛ إذ قد لا تؤدي التنمية الاقتصادية لتعزيز الديمقراطية في كل الحالات، بل من الممكن أن تؤدي الرأسمالية إلى ترسيخ الديكتاتورية كما في حالة بعض دول أمريكا اللاتينية في الثمانينيات والتسعينيات ودول الخليج في الوقت الراهن.[37] ومن خلال دراسة الأزمة الاقتصادية وعلاقتها بالتحول الديمقراطي في تونس، يمكن رؤية أن العلاقة التي تربط بين المتغيرين في الحالة التونسية هي علاقة وثيقة وطردية؛ إذ أن تحقق معدلات نمو اقتصادي في دولة ما قد يؤدي لبناء وتعزيز الديمقراطية.

تعاني تونس من أزمة اقتصادية متفاقمة بسبب غياب السياسات والحلول اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين؛ إذ ارتفعت معدلات البطالة والفقر، مع استمرار تراجع إيرادات الدولة من العديد من القطاعات الاقتصادية المهمة وخصوصًا السياحة. فطبقًا للمعهد الوطني التونسي للإحصاء، وصلت نسبة البطالة الرسمية عام 2021 إلى 18%، بينما قدرت عام 2020 بـ 16.6%. كما تراجعت إيرادات قطاع السياحة بنسبة 80% في يوليو 2021. وشهد النمو الاقتصادي انكماشًا بنسبة 21%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6%. وارتفع معدل التضخم –مقاسًا بمؤشر أسعار المستهلكين– من 161.8 نقطة في مارس 2020 إلى 169.5 نقطة في مارس 2021، ما يمثل ارتفاعًا بنسبة 4.75%.[38] وتوقعت شركة البحوث الاقتصادية Capital Economics ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في تونس إلى 1.5% بحلول عام 2025.[39] وقد سببت جائحة كورونا والطريقة البائسة التي أدارات بها الحكومة الأزمة أضرارًا جسيمة بالاقتصاد، ما دفع بعشرات الآلاف من التونسيين في خانة البطالة والفقر. وكشفت الأزمة أن المشاكل الحقيقية لأغلبية التونسيين، وفي مقدمتها أمنهم الغذائي والصحي، ليست أولوية بالنسبة للنخب السياسية الحاكمة.[40] كما أدت الحرب الروسية على أوكرانيا لتأزم مشكلة الأمن الغذائي.[41] ومع اندلاع الخلاف بين مؤسسات الحكم وتأزم المؤشرات الاقتصادية، لجأت الدولة للاقتراض من صندوق النقد الدولي مقابل برنامج تقشفي مالي صارم.[42] يمكن رؤية العلاقة الوثيقة بين التنمية الاقتصادية والتحول الديمقراطي في حالة تونس؛ إذ أدت الأزمات الاقتصادية لتعثر التحول الديمقراطي، فشهدت الطبقة الوسطى تآكلًا في تونس، ومن المعروف أن تآكل الطبقة الوسطى لا يعد مؤشرًا لتدهور الأوضاع الاقتصادية فحسب، وإنما يعد كذلك جرس إنذار لاحتمال زعزعة الاستقرار في البلاد. وبالفعل، فإن الاحتجاجات والاعتصامات تواصلت خلال السنوات الأخيرة، في كثير من المدن والمناطق التونسية، من الجنوب إلى الوسط وصولًا إلى مدن الشمال الساحلي. وكانت الشعارات المرفوعة فيها هي الشعارات نفسها التي رُفعت في بداية الثورة «شغل حرية، كرامة وطنية». مما يزعزع تجربة التحول الديمقراطي برمتها في تونس.[43]

مؤشرات أزمة التحول الديمقراطي

لقد شهدت عملية التحول الديمقراطي في تونس العديد من العثرات الناتجة من عدة عوامل مثل غياب التنمية الاقتصادية، فشل النخب السياسية في إدارة المرحلة الانتقالية، ضعف الأحزاب وفشلها في تمثيل طوائف الشعب، غياب التنشئة السياسية. وقد انعكس تعثر التحول الديمقراطي على عدة مؤشرات كان من أهمها:

إقصاء المعارضة والملاحقات الأمنية

منذ 25 يوليو 2021، تخضع المعارضة في تونس على جميع المستويات، بما في ذلك الأحزاب والجمعيات والمعارضين داخل السلطات الرسمية مثل القضاة ونواب البرلمان، لتغييرات متتالية في التكوين والممارسة السياسية والخطاب من جانب السلطة متمثلة في الرئيس سعيد. إذ يحاول سعيد، من خلال حالة الاستثناء التي فرضها، إعادة تشكيل المجال السياسي للمعارضة،[44] من خلال الأمر الرئاسي 117 الذي منح الرئيس سيطرة أحادية الجانب على السلطة التشريعية وسلطة تحديد آليات تداول السلطة وتحديد مؤسسات وأطراف المشاركة السياسية.[45] وبينما تسعى المعارضة القديمة والجديدة لبناء أدوات سياسية وتنظيمية لمواجهة السلطة الجديدة، يبحث سعيد عن طرق لتقليص دور المعارضة والحد من فعاليتها الاجتماعية والسياسية، عن طريق اتخاذ إجراءات تتمثل في الإقصاء وتشويه صورة كل من يعارضه ووصفه بالفساد. ويميل الخطاب الرئاسي لإضفاء الطابع الأخلاقي على المجال السياسي من خلال تقسيمه رأسيًا إلى محورين؛ محور «الخير والصدق» الذي لا تشوبه شائبة على حد تعبير الرئيس. ومحور «الشر» الذي يضم الفاسدين والمتآمرين والانتهازيين الذين ينتمون إلى سلة مهملات التاريخ. وتجرد هذه الاستراتيجية العمل المعارض من أي عقلانية سياسية وتربطه بالقيم السلبية. وهكذا، فإن المعارضة السياسية لم تعد واحدة من آليات النظام السياسي التي تدفعه إلى التجديد والتطوير. وتؤدي هذه الاستراتيجية المتبعة مع المعارضة لانجراف السلطة تدريجيًا نحو الإقصاء السياسي، أي استبعاد كل ما يقع خارجها.[46]

ومنذ بداية عام 2022، ضاعف الرئيس سلطاته ضد كل مؤسسة يمكنها إعاقة قراراته وتشكيل قوة معارضة له. فقد تم حل المجلس الأعلى للقضاء في فبراير، وتم تقديم مشروع نص قانون بالغ التقييد والقمع للحريات لتعديل التشريعات الخاصة بحرية تكوين الجمعيات، فضلًا عن الملاحقات القضائية لنواب سابقين من مجلس ممثلي الشعب أو وضعهم رهن الإقامة الجبرية أو منعهم من مغادرة أرض الوطن. وطرد أكثر من خمسين قاضيًا من مناصبهم، معظمهم بسبب رفضهم الانصياع لمطالب السلطة التنفيذية. كما يمكن اعتبار أن عمليات القمع والمضايقات من طرف الشرطة بحق النشطاء والحركات الاجتماعية، هي الأشد من نوعها على مدار اثنا عشرة سنة من التحول الديمقراطي، كما حدث في مدينة عقارب مؤخرًا بسبب أزمة القمامة. إذ استخدمت الحكومة القوة والغاز المسيل في تفريق المحتجين.[47] وفي الرابع عشر من يناير 2022 استخدمت قوات الأمن خراطيم المياه والغاز المسيل في تفريق احتجاجات سلمية تحتفل بالذكرى الحادية عشر لتنحي بن علي وتعبر عن مخاوفها من الإجراءات التي اتخذها سعيد لتعزيز سلطته.[48] كما تضمن الدستور الجديد تقييدًا غير عقلاني للحقوق والحريات الأساسية التي أسستها الثورة في تونس، ومن بعدها دستور 2014.[49]

قيود على المجتمع المدني

سُرب مؤخرًا مشروع قانون لتنظيم منظمات المجتمع المدني، من شأنه أن يمنح للسلطات صلاحيات واسعة وسلطة تقديرية للتدخل في طريقة تكوين منظمات المجتمع المدني، ووظائفها، وأعمالها، وتمويلها، وقدرتها على التحدث علنًا عن عملها والتعبير عن آرائها. ففي خطاب مصور ألقاه يوم الرابع والعشرين من فبراير 2022، اتهم الرئيس سعيد منظمات المجتمع المدني بخدمة مصالح أجنبية ومحاولة التدخل في السياسة التونسية، وأعلن عن نيته حظر حصول تلك المنظمات على التمويل الخارجي. وتعمل منظمات المجتمع المدني في تونس وفقًا للمرسوم عدد 88-2011،[50] الذي ينص على حرية التونسيين والمقيمين الأجانب في تكوين منظمات المجتمع المدني، وممارسة مجموعة واسعة من الأنشطة، والضغط على السلطات فيما يتعلق بالقوانين والسياسات، والتحدث علنًا عن عملها وآرائها، والحصول على تمويلات أجنبية دون ترخيص من الحكومة.[51] في واقع الأمر لم تؤكد السلطات رسميّا أنها ستعدل القانون الحالي، ولم تنشر مشروع القانون، ومازال من غير الواضح ما إذا تم إدخال تغييرات على النسخة المسربة. ويضع المشروع المسرب قيودًا على تأسيس الجمعيات من خلال شرط الحصول على ترخيص حكومي قبلما تتمكن المنظمة من العمل بشكل قانوني، كما كان الحال في عهد بن علي. كما يشترط القانون الجديد موافقة اللجنة التونسية للتحاليل المالية –وهي وحدة تابعة للبنك المركزي التونسي مكلفة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب– على طرق تمويل المنظمات. كما سيمنح المشروع المسرب للسلطات في الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة القدرة على حل منظمات المجتمع المدني التي ظلت غير نشطة لفترة زمنية دون سابق إنذار. وقد يسمح أيضًا للسلطات بحل هذه المنظمات وقتما شاءت، ودون الحاجة للحصول على حكم قضائي.[52]

قيود على الإعلام

تبدأ أولى خطوات تقييد الصحافة والإعلام بإلغاء دستور 2014 الذي تعهد سعيد بالحفاظ على بابي الحقوق والحريات فيه في سياق إعلانه التدابير الاستثنائية. فعلى امتداد الفترة الاستثنائية منذ يوليو 2021 أصدرت نقابة الصحافيين التونسية بيانات متكررة محذرة من انتكاسة لحرية الصحافة، المكسب الأبرز بعد ثورة 2011، ردًا على تعرض صحفيين ومدونين لتحقيقات أمنية وملاحقات قضائية، على خلفية آرائهم أو أعمالهم الصحفية. ويخوض الصحفيون التونسيون معركة متجددة للحفاظ على مكاسب حرية التعبير، ورفض كل أشكال الرقابة المسبقة على أعمالهم، خاصةً في ظل التدابير الاستثنائية، وهو ما يعمق المخاوف حول مصير هذه المكاسب في الوقت الذي تتركز فيه كل السلطات بيد الرئيس. وتعد هذه التخوفات مبررة، في ظل غياب هياكل بإمكانها الحد من تجاوزات السلطة، وانتهاج الرئيس سياسة أحادية في تسيير الشأن العام، ومحاولة وضع اليد على الإعلام العمومي والاستمرار في تشويه صورة وسائل الإعلام.[53] وقد سجلت تونس تراجعًا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2022 الصادر عن منظمة مراسلون بلا حدود. لتحتل المرتبة الرابعة والتسعين مسجلةً بذلك تراجعًا بواحد وعشرين نقطة، مقارنةً بتصنيفها العام السابق. وأكدت المنظمة في تقريرها أن تعقب الصحفيين أضحى أمرًا شائعًا في تونس. وأن عشرات الصحفيين –ومن بينهم مراسلي وسائل إعلام دولية– تعرضوا للتعنيف أثناء تغطيتهم مظاهرات احتجاجية. وأشار التقرير لتصاعد وتيرة الهجمات اللفظية بحق الصحفيين ووسائل الإعلام من جانب السياسيين.[54]

الدروس المستخلصة من التجربة التونسية

يستدعي تأزم مسار الديمقراطية في تونس استخلاص الدروس، والتأمل في العوامل التي تقطع الطريق أمام استمرار الديمقراطيات الناشئة واستقرارها. ومن أهم هذه الدروس:

أهمية عامل التنمية الاقتصادية في تحقيق التحول الديمقراطي

تعطي التجربة التونسية درسًا هامًا عن أهمية العامل الاقتصادي في ضمان نجاح التحول الديمقراطي. إذ أن ضمانات الحقوق والحريات في النظام الديمقراطي لا تكفي لاستمرار القبول الشعبي به، بل يجب أن يقترن ذلك بتحقيق النهوض الاقتصادي وتحسين أوضاع الناس والاستجابة لأزماتهم الاقتصادية والاجتماعية. ويرى مارتن ليبست وصامويل هنتنغتون حتمية الربط بين التحولات الديمقراطية المأمولة وبين مطالب الناس الحياتية، معتبرين أن الديمقراطية السياسية الحقيقية لا تصبح واقعًا منجزًا إلا بتحقق بُعدها الاقتصادي الاجتماعي. وحال إخفاقها في تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي، فإن توافر الحقوق والحريات الشخصية لن يحول بين الناس واندفاعهم نحو تأييد أنماط أخرى للحكم، على غرار ما حدث لدى انتصار الفاشية في أوروبا، في النصف الأول من القرن العشرين، ووصول الحكومات الديكتاتورية العسكرية في أماكن أخرى من العالم في النصف الثاني.[55] ولقد واجهت تونس مشكلات اقتصادية كبيرة من أهمها تراجع معدلات النمو، ارتفاع البطالة، تدني مستويات الاستثمار، عجز الموازنة، تراكم الديون، مشكلات الأمن الغذائي، وارتفاع مستويات الفقر. ولقد أثرت تلك المشكلات على حجم الطبقة الوسطي في تونس، التي تعد من أهم مقومات الانتقال الديمقراطي. وإذا ما استمر تردي الوضع الاقتصادي في تونس، فإنه قد يؤدي لانفجار جماعي يهدد عملية التحول الديمقراطي برمتها.[56]

التداول السلمي للسلطة لا يعني نجاح عملية التحول الديمقراطي

تعد الانتخابات من أهم آليات نجاح التحول الديمقراطي وضمان الانتقال السلمي للسلطة. ويؤكد صامويل هنتنغتون أن الحديث عن التحول الديمقراطي غير ممكنًا بدون وجود انتخابات حرة ونزيهة تتميز بالشفافية، وتضمن فرصًا متكافئة للأطراف المتنافسة.[57] وبهدف تعزيز الانتقال السلمي للسلطة، نجحت تونس في بناء مؤسسات انتقالية على أرضية توافقية مشتركة. فتم تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وضمت تلك الهيئة معظم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. ومهدت الطريق لانتخاب مجلس وطني تأسيسي، وكتابة دستور توافقي. والذي أُجريت بناءً عليه الانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014. كما تم تكييف النظام الانتخابي ليلائم المرحلة الانتقالية عن طريق تبني نظام التمثيل النسبي الذي أتاح تمثيل جميع مكونات المجتمع.[58] ويمكن القول إن التجربة الديمقراطية في تونس تمكنت من إرساء مفهوم التداول السلمي للسلطة من خلال بناء مؤسسات انتقالية تشاركية، ودستور توافقي، ونظام انتخابي ملائم. فعقب انتخابات 2011، وانتخابات 2014 وانتخابات 2019، تم تداول السلطة على أساس انتخابات حرة نزيهة وبمشاركة جميع الأحزاب السياسية.[59] ورغم ذلك، لم يمنع التداول السلمي للسلطة تعثر التحول الديمقراطي في تونس. وتكشف التجربة التونسية أن تداول السلطة السلمي ليس كافيًا لنجاح التجربة، ومن الأهمية النظر إلى تكوين مؤسسات دستورية راسخة.

ضرورة العمل على بناء توافقات حقيقية بين النخب السياسية والمعارضة

مر التوافق في تونس بعدة مراحل كان من أهمها: أولًا تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في فبراير 2011. ثانيًا: حكومة الترويكا. ثالثًا: الحوار الوطني، ففي يوليو 2013، وإثر حادثة الاغتيال السياسي الثانية، والتي راح ضحيتها محمد البراهمي النائب في المجلس التأسيسي عن حزب التيار الشعبي، شهدت تونس أزمة سياسية حادة تعالت فيها الأصوات المطالبة بإسقاط الحكومة، وحل المجلس التأسيسي الذي كان يستعد للتصديق على النسخة النهائية للدستور. وأمام هذا الوضع وإثر لقاء باريس،[60] الذي انطلق على إثره الحوار الوطني وخلص للتوافق على خريطة طريق تضمنت التسريع في التصديق على الدستور والتوافق على النقاط الخلافية ثم استقالة الحكومة والتوافق على حكومة جديدة تكنوقراط مهمتها الأساسية إعداد انتخابات تشريعية ورئاسية. رابعًا: حكومة الحبيب الصيد، وهي حكومة ائتلافية تلت انتخابات 2014 شاركت فيها العديد من الأحزاب. ومثل الحبيب الصيد رئيس الحكومة. خامسًا: وثيقة قرطاج،[61] وحكومة الوحدة الوطنية.[62]

وعند تأمل المحطات التي مرت بها تونس على طريق التوافق بين التيارات المختلفة، وما تلاها من أفعال ومبادرات سياسية، يمكن استنتاج أن التوافق قد تم اختزاله في موقف سياسي ظرفي محدود في الزمان والمكان. فبينما نجحت الهيئة العليا في صياغة خريطة طريق للتحول الديمقراطي وفي تجميع قوى سياسية متباينة فكريًا وأيديولوجيًا، فإنها أخفقت في حسم الخلاف حول القضايا الجوهرية. وفي السياق نفسه فشلت تجربة الترويكا في التأسيس لفعل سياسي جمعي حقيقي. وهو ما يشير لوجود خلل في منظومة التوافق السياسي التونسي؛ فهو توافق ينتهي بعملية توقيع الوثائق ويتجنب الخوض في المشاكل الخلافية الحقيقية الخاصة بالمضمون، الأمر الذي يجعله أكثر عجزًا من أن يؤسس لمشروع سياسي قادر على التغيير.[63] ولم ينجح قادة التوافق ومنظروه في تحويل التعاقد السياسي الذي جمعهم إلى ثقافة سياسية شعبية قادرة على ممارسة دور المحرك لبرامج النهوض بالبلاد ومشاريعه، وهو ما يفسر بوضوح عجز التوافق السياسي عن تحقيق أي منجز تنموي واقتصادي على الأرض. في المحصلة، نحن إزاء توليفة سياسية نخبوية أفقية فشلت في إقناع الناس، ولم تفلح في إنضاج مشروع وطني حقيقي تتكاتف من أجله المساعي.[64] كما أدت التوافقات الهشة لتأجيل النقاش العلماني الإسلامي خلف التوافقات الهشة بدلًا من مواجهته وحله.[65]

غياب المؤسسات الدستورية قد يؤدي إلى فشل التحول الديمقراطي

التأخر في استحداث مؤسسات دستورية هامة، مثل المحكمة الدستورية العليا، عزز من الانقسام بين الجماعات السياسية المختلفة، وخاصة في ظل غياب قواعد حاكمة تنظم العلاقة السياسية والدستورية فيما بينها. وفي هذا السياق يرى جانجشينج باو أنه لا يكفي لواضعي دساتير ما بعد السلطوية الانشغال فقط بتوفير ضمانات الفصل بين السلطات، وصياغة قواعد تداول السلطة مع إهمال تقوية السلطة السياسية لممارسة وظائفها، وبناء قدرات الدولة ومؤسساتها. كما يفترض أن الديمقراطية عندما تفتقر لوجود دولة فعالة وذات قدرات، فإنها تتعرض لفرص كبيرة من الفشل، خاصةً في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الحادة.[66] وتشهد تونس أزمة دستورية ناتجة عن عدم النجاح في تشكيل محكمة دستورية. فدستور 2014 ينص على إرساء محكمة دستورية وانتخاب أعضائها الـ 12 في أجل أقصاه سنة واحدة من إجراء الانتخابات التشريعية. ونتيجة لعدم التوافق بين الكتل البرلمانية، تعطل تشكيل المحكمة الدستورية، رغم المحاولات المتعددة لعقد جلسات تصويت في البرلمان. وقد أصبح وضع المحكمة الدستورية التونسية أمام مصير مجهول مع رفض الرئيس قيس سعيد توقيع قانون معدل لقانون المحكمة وتعليله بوجود خرق للدستور، ما يفتح الباب أمام أزمة دستورية جديدة تُضاف إلى الأزمات التي تواجه تونس.[67] ومنذ أن أعلن سعيد، قراراته الاستثنائية، يتصاعد جدل حول دستوريتها، خاصةً في ظل غياب المحكمة الدستورية. والتي لو كانت موجودة لساعدت في حلحلة الوضع السياسي، الذي يشهد صراعًا حادًا بين مكوناته المختلفة، باعتبارها ستكون الفيصل في دستورية قرارات سعيد من عدمها، والتي تسببت إلى أزمة دستورية تتمثل في تحديات الفصل بين السلطات ومدى السلطة التنفيذية.[68]

الخاتمة

لقد انطلقت تجربة التحول الديمقراطي في تونس في 2010 حينما أضرم البوعزيزي النيران في نفسه، وأعقب ذلك احتجاجات شعبية واسعة أدت لهروب بن علي. منذ ذلك الحين مرت تجربة التحول الديمقراطي التونسية بعدد من المحطات التي أسهمت في تشكيل المشهد الحالي من الأزمة. على ضوء ذلك ناقشت الدراسة محطات التحول الديمقراطي في تونس بدايةً من الانتفاضة في ديسمبر 2010، ومرورًا بإجراء انتخابات برلمانية في 2011، ثم الدستور التوافقي في 2014، والانتخابات التشريعية والرئاسية في 2019، ثم الدستور الجديد في 2022. وتشهد تونس منذ وصول سعيد إلى السلطة في 2019 خلافات سياسية نتجت من قرارات اتخذها سعيد ضد السلطات التشريعية والتنفيذية. وقد أدت تلك الإجراءات والقرارات إلى تأزم العملية السياسية وتعثر التحول الديمقراطي في تونس. إلا أن قرارات سعيد لا تمثل السبب الوحيد للتعثر الديمقراطي، إذ يقف خلف هذا التعثر مجموعة من الأسباب، من أهمها فشل النخب السياسية والحزبية في إدارة المرحلة الانتقالية من خلال تبني توافقات هشة، ومحاولة السيطرة على مؤسسات الدولة، وتحقيق المنافع الشخصية على حساب المصلحة العامة للدولة والمواطنين، غياب التنشئة السياسية، مما أدى إلى نتائج خطيرة كان أهمها إحجام الشباب عن قيم الديمقراطية والمواطنة، وعزوفهم عن المشاركة السياسية، وغياب التنمية الاقتصادية، والذي أدى بدوره لعدم رضا المواطنين وكثرة الاحتجاجات وعدم استقرار العملية السياسية. وقد تجلت هذه الأزمة من خلال عدة مؤشرات من أهمها إقصاء المعارضة والملاحقات الأمنية، تقييد المجتمع المدني، وتقييد الصحافة والإعلام.

كما تخبرنا التجربة التونسية أن توافر آليات التحول الديمقراطي قد لا تؤدي بالضرورة إلى نجاح عملية التحول. فقد حققت تونس التداول السلمي للسلطة من خلال انتخابات دورية في 2011، 2014، 2019، ونجحت القوى السياسية في تأسيس مؤسسات توافقية وتشاركية مثل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. شملت الهيئة معظم الأحزاب والمنظمات، وبذلك سهلت الطريق لانتخاب مجلس وطني تأسيسي ودستور توافقي يقوم على أسس ديمقراطية وينص على الحقوق والحريات. رغم ذلك، فشلت تونس في تخطي العقبات وتحقيق التحول الديمقراطي. وعلى ضوء ذلك، هناك العديد من الدروس التي يمكن استخلاصها من تعثر التجربة. لعل من أهمها أولًا: أهمية عامل التنمية الاقتصادية في إنجاح التحول الديمقراطي، إذ لا تكفي ضمانات الحقوق والحريات في النظام الديمقراطي لاستمرار القبول الشعبي به مع غياب التنمية الاقتصادية. ثانيًا: أهمية بناء توافقات حقيقية وقوية بين النخب السياسية تُمكّن من حل الخلافات الجوهرية، وتساهم في بناء مشروع سياسي متكامل. ثالثًا: التداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات الدورية والمؤسسات التوافقية لم يمنع تعثر المسار الديمقراطي في ظل غياب المحكمة الدستورية. رابعًا: غياب المؤسسات الدستورية المتمثلة في المحكمة الدستورية قد يؤدي إلى تحول المسار الديمقراطي لمسار تسلطي لا يستند إلى دستورية.

أسماء البنا هي باحثة في مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وباحثة دكتوراه في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة.

[1] هلال، عليّ الدين (2019). الانتقال إلى الديمقراطية: ماذا يستفيد العرب من تجارب الأخرين. الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب. ص 86.
[2] طيفور، فاروق (2021). المشهد التونسي بعد إعلان الحالة الاستثنائية 2021: الأزمة، الأسباب، والسيناريوهات المستقبلية المحتملة. مجلة دراسات شرق أوسطية، 25(97). ص 97.
[3] جو، سوجيان (1999). التحول الديمقراطي: نظرة عامة نقدية (Democratic Transition: A Critical Overview). قضايا ودراسات، أغسطس. 35 (4). ص 133-134.
[4] إبراهيم، حسين توفيق (2020). الانتقال الديمقراطي (إطار نظري). مركز الجزيرة للدراسات، 24 يناير. تاريخ الاطلاع 22 أكتوبر 2022.
https://studies.aljazeera.net/ar/files/arabworlddemocracy/2013/01/201312495334831438.html
[5] أحمد، أحمد خميس. حمود، حسناء أحمد (2020). التحول إلى الديمقراطية: المعوقات وعملية الانتقال إلى النظام الديمقراطي في العالم العربي. المركز الديمقراطي العربي. 17 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 22 أكتوبر 2022.https://democraticac.de/?p=70094
[6] هلال، عليّ الدين (2019). الانتقال إلى الديمقراطية: ماذا يستفيد العرب من تجارب الأخرين. مرجع سابق. ص 90.
[7] المرجع السابق. ص: 103:105
[8] بشارة، عزمي (2012). الثورة التونسية المجيدة بنية ثورة وصيرورتها من خلال يومياتها. الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. الطبعة الأولى. ص 22.
[9] المرجع السابق. ص 297.
[10] حكومة الترويكا هي ائتلاف حكومي تشكل في نوفمبر 2011، وتكونت من الأحزاب الثلاثة التي حصلت على الأغلبية في البرلمان. إذ نالت النهضة رئاسة الحكومة متمثلة في أمينها العام حمادي الجبالي. وتولي رئيس حزب المؤتمر المنصف المرزوقي رئاسة الجمهورية. فيما تولي رئيس حزب التكتل مصطفى بن جعفر رئاسة المجلس التأسيسي.
أنظر: الحناشي، عبد اللطيف (2012). انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي: الإطار/المسار، والنتائج. الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ص 22
[11] الطيار، محمد رضا (2016). أثر قيام الثورات العربية على تغيير الأنظمة السياسية في العالم العربي. القاهرة: المكتبة العربية للمعارف ص 97.
[12] الجمعاوي، أنور (2014). المشهد السياسي في تونس: الدرب الطويل نحو التوافق. سياسات عربية، يناير. 4. ص 20.
[13] سليماني، هيثم (2017). التوافق السياسي في تونس: محطات ومطبات. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، مارس. ص 6:8.
[14] وحدة الدراسات السياسية (2021). خريطة قيس سعيد: أتحل أزمة تونس أو تعمقها. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ديسمبر. ص 1.
[15] المرجع السابق. ص1.
[16] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (2020). مشروع الدستور الجديد. الباب الأول: الفصل الخامس. 30 يونيو، العدد 74. تاريخ الاطلاع 22 أكتوبر 2022. https://bit.ly/3Neo9A8
[17] المرجع السابق. الباب الثاني.
[18] المرجع السابق. الباب الثالث والرابع.
[19] منظمة المادة 19 (2022). تونس: مشروع الدستور الجديد خطر على المسار الديمقراطي. منظمة المادة 19، 5 يوليو. تاريخ الاطلاع 5 سبتمبر 2022،https://bit.ly/3Rv6FAP
[20] طيفور، فاروق (2021). المشهد التونسي بعد إعلان الحالة الاستثنائية 2021: الأزمة، الأسباب، والسيناريوهات المستقبلية المحتملة. مرجع سابق. ص 111.
[21] الهيئة العليا المستقلة للانتخابات (2022). استفتاء 25 جويليه 2022. 16 أغسطس. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.https://bit.ly/3DghsZN
[22] بوسن، زياد والأكحل، ملاك (2022). تونس غداة الاستفتاء: انقسامات على خلفية الدستور الجديد. مبادرة الإصلاح العربي، 23 أغسطس. تاريخ الاطلاع 4 سبتمبر 2022، https://bit.ly/3RnjuNr
[23] الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (2020). مشروع الدستور الجديد. 30 يونيو. العدد 74. تاريخ الاطلاع 22 أكتوبر 2022، مرجع سابق.
[24] الفجيري، معتز (2022). على ضوء الحالة التونسية: لماذا تنهار الديمقراطيات الناشئة. العربي الجديد، 3 أغسطس. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.https://bit.ly/3NjDv6g
[25] بن سلطان، محمد (2021). الانتقال الديمقراطي في تونس: مراجعة لعشر سنوات. العربي الجديد، 14 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 3 سبتمبر 2022،
https://bit.ly/3euQlBF
[26] بوستي، توفيق (2021). مسببات الأزمة السياسية. مجلة الديمقراطية. 21(84). ص 133
[27] كوش، عمر (2021). في أسباب ما حدث في تونس. مرجع سابق.
[28] بوستي، توفيق (2021). مسببات الأزمة السياسية. مرجع سابق. ص 133.
[29] المرجع السابق. ص 134.
[30] هلال، رضا محمد (2015). التعليم والتنشئة السياسية في العالم العربي نماذج البحرين، الأردن، الكويت، مصر، والعراق. معهد البحرين للتنمية السياسية. ص 14.
[31] الدريسي، محرز (2022). محدودية التنشئة السياسية في فضاءات التعليم: تونس مثالًا. التنويري، 13أغسطس. تاريخ الاطلاع 7 سبتمبر 2022، https://bit.ly/3QE6eTL
[32] مبادرة الإصلاح العربي (2021). هل فشلت الديمقراطية التونسية في إقناع الشباب التونسي؟ تباطؤ مسيرة التنشئة الاجتماعية الديمقراطية. 24 أغسطس. تاريخ الاطلاع 8 سبتمبر 2022،https://bit.ly/3wZymcD
[33] الجيلاني، على حسين (2021). عزوف الشباب عن المشاركة في الحياة السياسية في تونس: السياقات، الأسباب والآثار. مجلة العلوم الاجتماعية. العدد 21. ص 31-32.
[34] سليم، محمد السيد ومسعد، نيفين (محررين) (1997). العلاقة بين الديمقراطية والتنمية في أسيا. القاهرة: مركز الدراسات الأسيوية. ص 20.
[35] جو، سوجيان (1999). التحول الديمقراطي: نظرة عامة نقدية (Democratic Transition: A Critical Overview). مرجع سابق. ص 44.
[36] المرجع السابق. ص 48.
[37] برزيورسكي،آدم (2004). الديمقراطية والتنمية الاقتصادية (Democracy and economic development). في إدوارد دي مانسفيلد وريتشارد سيسون (محرران)، تقييم المعرفة السياسية (The evaluation of political knowledge). كولومبس: مطبعة جامعة ولاية أوهايو. 20-21.
[38] المعهد الوطني التونسي للإحصاء (2022). مطوية المؤشرات الاقتصادية. 1 أغسطس. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.
http://www.ins.tn/ar/publication/mtwyt-almwshrat-alaqtsadyt-0
[39] بوستي، توفيق (2021). مسببات الأزمة السياسية. مرجع سابق. ص 134.
[40] المبروكي، منجي (2019). صراع الرئاسات في تونس: مسارات إدارة الأزمة. منتدى السياسات العربية. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022. https://bit.ly/3U8rPpq
[41] عياري، خلود (2022). الحرب في أوكرانيا وانعدام الأمن الغذائي في تونس، أين تكمنُ حالة الاستعجال؟. مبادرة الإصلاح العربي، 4 أغسطس. تاريخ الاطلاع 6 سبتمبر 2022. https://bit.ly/3Rrr4GS
[42] زايد، وليد (2018). التحول الديمقراطي في تونس: مؤشرات مقلقة على انتكاسة وتراجع. مركز التقدم العربي للسياسات، 22 مايو. تاريخ الاطلاع 3 سبتمبر 2022،https://bit.ly/3TP9kXF
[43] الرمضاني، أسامة (2020). الطبقة الوسطى صمّام أمان مهدد في تونس. النهار العربي، 10 سبتمبر. تاريخ الاطلاع 2 سبتمبر 2022.
https://bit.ly/3U0Uf5w
[44] نابلي، ياسين (2022). ما هو مصير المعارضة في تونس في ظل حالة الاستثناء؟ (What is the Fate of Opposition in Tunisia Under the State of Exception?). المفكرة القانونية، 7 مارس. تاريخ الاطلاع 22 أكتوبر 2022
https://english.legal-agenda.com/what-is-the-fate-of-opposition-in-tunisia-under-the-state-of-exception/
[45] قاعدة بيانات النصوص القانونية في تونس (2021). أمر رئاسي عدد 117. 22سبتمبر. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022. https://legislation-securite.tn/ar/law/105067
[46] نابلي، ياسين (2022). ما هو مصير المعارضة في تونس في ظل حالة الاستثناء؟ (What is the Fate of Opposition in Tunisia Under the State of Exception?). مرجع سابق.
[47] الطيب، ملاك (2022). حل مشكلة إدارة النفايات المتنامية في تونس (Solving Tunisia’s growing waste management problem). معهد الشرق الأوسط، 31 مارس. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر. https://www.mei.edu/publications/solving-tunisias-growing-waste-management-problem
[48] سيفيكوس (2022). تدعو منظمات المجتمع المدني تونس إلى رفع جميع القيود المفروضة على الفضاء المدني والهيئات المستقلة وإعادة سيادة القانون (Civil society organizations call on Tunisia to lift all restrictions on civic space and independent bodies and restore the rule of law) سيفيكوس، 21 مارس. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر.https://bit.ly/3WejkuH
[49] وحدة الرصد والتحليل (2022). مآلات المشهد السياسي في تونس وأبعاده المستقبلية. مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 6 أكتوبر. تاريخ الاطلاع 24 أكتوبر 2022. https://bit.ly/3gTMnUj
[50] قاعدة بيانات النصوص القانونية في تونس(2011). مرسوم عدد 88.  24سبتمبر. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022 https://legislation-securite.tn/ar/law/43430
[51] منظمة العفو الدولية (2022). تونس: أوقفوا القيود الوشيكة على المجتمع المدني. منظمة العفو الدولية، 1 مارس. تاريخ الاطلاع 4 سبتمبر 2022. https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2022/03/tunisia-looming-curbs-on-civil-society-must-be-stopped/
[52] المركز الدولي للقانون غير الهادف للربح (2022). تونس 2022. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.https://www.icnl.org/resources/civic-freedom-monitor/tunisia
[53] كامل، ألفت (2022). خريف الصحافة في تونس.. مرآة لوضع سياسي مرتبك. مدى مصر، 8 مايو. تاريخ الاطلاع 7 سبتمبر 2022، https://bit.ly/3x3mDtX
[54] يحيى، كريم (2022). هل هو خريف الصحفيين في تونس؟. نواة، 11 أبريل. تاريخ الاطلاع 5 سبتمبر 2022،https://bit.ly/3ey4Btr
[55] جو، سوجيان (أغسطس 1999). التحول الديمقراطي: نظرة عامة نقدية (Democratic Transition: A Critical Overview). مرجع سابق. ص 44.
[56] كولومبو، سيلفيا (2021). بحث تونس عن الديمقراطية: ثورة داخلية غير مكتملة والتشابك الجيوسياسي الإقليمي (Tunisia’s Quest for Democracy: Unfinished Domestic Revolution and Regional Geopolitical Entanglements.). معهد الشئون الدولية. 20 أكتوبر. ص 2.
[57] هنتنغتون، صمويل (1993). الموجة الثالثة: التحول الديمقراطي في أواخر القرن العشرين (the Third Wave: Democratization in the Late Twentieth Century). أوكلاهوما: مطبوعات جامعة أوكلاهوما، ص 68.
[58] أعلوان، فؤاد (2021). الانتخابات والانتقال الديمقراطي في الدول المغاربية: المغرب، الجزائر وتونس نموذجًا. رواق عربي، 17 مايو. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.https://bit.ly/3TLQxvP
[59] الغابري، عبد الباسط (2021). حدود الحديث عن نجاح التجربة الديمقراطية التونسية. المستقل العربي. 43(505). ص 125.
[60] لقاء باريس: في 16 أغسطس 2013 التقي راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، والباجي قايد السبسي زعيم جبهة الإنقاذ وقتها التي كانت تقود المعارضة وتنادي بإسقاط الحكومة وحل المجلس التأسيسي، وأثمر اللقاء عن انطلاق الحوار الوطني. المرجع السابق. ص 837- 838.
[61] وثيقة قرطاج: وثيقة سياسية وقعتها تسعة أحزاب وثلاث منظمات تونسية، وتضمنت خطوطًا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وأولويات عدد من المجالات الوطنية، وعلى قاعدتها تم تشكيل حكومة وحدة وطنية هي الثامنة في تونس بعد الثورة برئاسة يوسف الشاهد.
[62] المرجع السابق. ص ص 838: 850.
[63] سليماني، هيثم (2017). التوافق السياسي في تونس: محطات ومطبات. مرجع سابق. ص ص 8:10.
[64] المرجع السابق. ص 10.
[65] الزموري، أكرم (2022). العدالة الانتقالية: دروس من عملية الانتقال المجهضة في تونس (Transitional Justice: Lessons from Tunisia’s Aborted Transition.). معهد الشئون الدولية، 15 يوليو. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر. https://www.iai.it/en/pubblicazioni/transitional-justice-lessons-tunisias-aborted-transition
[66] الفجيري، معتز (2022). على ضوء الحالة التونسية: لماذا تنهار الديمقراطيات الناشئة. مرجع سابق.
[67] فيرينفيلس، إيزابيل (2022). لا وقت نضيعه في الوقت الذي يعزز فيه الرئيس التونسي التحول الاستبدادي (No Time to Lose as Tunisia’s President Consolidates Authoritarian Turn). المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية. 41. ص 2.
[68] سعيد، كرم (2021). تأزم مستمر: لماذا تمددت الأزمة التونسية إلى المحكمة الدستورية. المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 8 أبريل. تاريخ الاطلاع 23 أكتوبر 2022.https://bit.ly/3DFnWmq

Read this post in: English

Exit mobile version