رؤى

ورقة مؤتمر: السياسات والسمات الاقتصادية الحالية بمصر

حمل هذا المقال كبي دي إف

مع صعوبة الخروج بتوقعات مستقبلية، يصعب علينا أيضًا أن نتوقع أن الاتفاقيات المبرمة مؤخرا مع صندوق النقد الدولي ستقلص العجز المالي والدين العام، بدون معالجة الصعوبات الهيكلية للاقتصاد المصري التي تؤثر على خلق الثروة فضلًا عن توزيعها. تتضمن الاتفاقية المبرمة عام 2016 قرضًا لمدة ثلاثة سنوات بقيمة اثني عشر مليار دولار، ومن غير المرجح أن يساهم ذلك القرض في تنمية اقتصادية مستدامة تستند إلى النمو الشامل للجميع، فضلًا عن زيادة الإنتاج، والتحول إلى المنتجات ذات القيمة المضافة المضافة. الأمر الذي ينطق على الاتفاقية اللاحقة التي أبرمت في 2020 بقرض قيمته 5.2 مليار دولار بغرض تخفيف الآثار الناتجة عن جائحة الكورونا. وإذا ما تجنبنا استخدام المصطلحات الاقتصادية المتخصصة، فإن السياسات الاقتصادية الأخيرة، المدعومة من صندوق النقد الدولي، وإن لم تكن جميعها محددة من قبله، لن تحسّن “العدالة الاجتماعية”، كما أنها لن تحول مصر إلى دولة ذات دخل مرتفع يستند اقتصاده إلى التصنيع الحديث والخدمات القادرة على منافسة ما توفره بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. ووفقًا لتصنيف البنك الدولي فإن مصر هي بلد متوسط الدخل من الشريحة الدنيا (اعتبارا لحصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي تتراوح بين 1,036 – 4,045 دولار)، إذ تبلغ حصة الفرد من الدخل القومي الإجمالي في مصر 2,800 دولار، وبالتالي سيكون من الصعوبة أن يؤدي القرض إلى تحويل مصر إلى شريحة أعلى من شرائح البلدان المتوسطة الدخل، حيث بلغ الدخل القومي الإجمالي 292 مليار دولار في عام 2019.

الاتفاقيات الأسبق عهدًا مع المؤسسات المالية الدولية

عند النظر إلى الاتفاقيات الأسبق عهدًا، والتي أبرمتها مصر مع صندوق النقد الدولي ومع البنك الدولي (أي مؤسسات “بريتون وودز” أو “المؤسسات المالية الدولية”) فإن التحفظات السابقة تتأكد، وهو الحال نفسه حين ملاحظة تأثير اتفاقيات شبيهة ظلت تستند إلى “إجماع واشنطن” والتي ظهرت في بلدان أخرى.

ما من شك بأن السابقة الأوثق صلة هي اتفاقية عام 1991 حول إرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي، والتي أُبرمت بين إدارة الرئيس مبارك وبين صندوق النقد الدولي، ورافقتها اتفاقية مع البنك الدولي بشأن إجراء تعديلات هيكلية. وكانت الاتفاقية تسعى في الأساس إلى تخفيض إنفاق الحكومة وزيادة إيراداتها (خصوصًا عبر الضرائب غير المباشرة)، بالإضافة إلى عدة إجراءات لإرساء الاستقرار المالي، وإجراءات تقشفية تطلبت تقليص الموازنة وتحقيق توازن في ميزان المدفوعات والحد من الدين الخارجي. رغم ذلك كانت التحسينات مؤقتة وهشّة؛ فميزان العجز التجاري ارتفع مجددًا بعد فترة وجيزة، وظل مستوى الدين العام عاليًا، وهو ما يمكن إرجاعه –جزئيًا– إلى أن الدين الخارجي تحول لدين داخلي. إضافة إلى ذلك، تأثرت التحسينات تأثرًا كبيرًا بفعل إجراءات خارج نطاق سيطرة الحكومة، وتحديدًا تقليص أجزاء كبيرة من الدين الأجنبي وإعادة جدولته؛ كمكافأة لمصر على مشاركتها في حرب الكويت في عام 1991.

تاريخيًا، ظلت البرامج المعنية بإرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي تهدف إلى إنتاج تأثيرات مقصودة على الموازنة العامة والموازين الخارجية، ولكن على حساب تكاليف اجتماعية كبيرة على المدى القصير والمتوسط بصفة أساسية. ومع ذلك، فإن الإصلاحات الهيكلية التي حددتها مؤسسات بريتون وودز فشلت عمومًا في إطلاق أو تعزيز التنمية الاقتصادية بالأسلوب المحدد أعلاه. إن التأكيد على نمو القطاع الخاص في مقابل القطاع العام –من خلال خصخصة الشركات الحكومية وعدة إجراءات أخرى لتشجيع المشاريع الخاصة– وعلى أشكال إزالة القيود التنظيمية المرتبطة بذلك –وهي في واقع الأمر إعادة رسم للقيود التنظيمية– لا يشكل وصفة يمكن تعميمها من أجل تشجيع التنمية. وغالبًا ما أدى مثل هذا النوع من “تراجع الدولة” إلى نتائج عكسية.

على سبيل المثال، غالبًا ما كانت إزالة القيود التنظيمية تأتي على حساب الأسواق التي تؤدي وظائفها والتي يجب عليها –بعد إزالة القيود– التحكم في تخصيص الموارد بدلًا من القرارات الحكومية. وقد أدت الإصلاحات التي انطلقت في مصر في عام 1991 إلى نمو القطاع الخاص دون تحقيق نمو موازٍ في الأسواق بما يوفر فرصًا متساوية للجميع بحيث يتفاوض المشترون والبائعون على أسعار السلع والخدمات أو على عوامل الإنتاج. وما من شك أن جميع الأسواق مبنية على هيكل مسيس، وبالتالي فإنها تحابي مصالح جهات فاعلة محددة، سواء لأن وجود الأنظمة، أو غيابها، يعزز موقف جهة فاعلة معينة أو أخرى (على سبيل المثال يمكن للحد الأدنى من الأجور أن يعمل لمصلحة العمال أو مصلحة أصحاب العمل). ولكن في مصر، ونظرًا لنقص الأنظمة الملائمة، إضافة إلى القوة التي يتمتع بها الفاعلون في السوق من المقربين إلى الحكومة الاستبدادية، فقد نشأت أسواق مجتزأة توصف بأنها “سياسية” أو “رأسمالية المحاسيب”. وببساطة، حلت الاحتكارات الخاصة واحتكارات القلة محل الاحتكارات الحكومية وشريحة النخبة الحكومية الحاكمة. وثمة مثال آخر يتجلى في إزالة القيود في مجال التجارة الخارجية والذي حال دون جمع تعريفات الحماية (وإن تكن مؤقتة ومتناقصة) والتي كان يمكن أن تساعد الصناعات الناشئة. علاوةً على ذلك، لم يؤد نمو القطاع الخاص الرسمي إلى خلق فرص عمل بالأعداد التي كان يُفترض به خلقها، لا في عقد التسعينات، ولا منذ عام 2016. ونتيجة لذلك، لم يعوض الدخل الناتج من العمل عن الاقتطاعات التي فُرضت على الاستحقاقات الاجتماعية، بما في ذلك الدعم الحكومي للسلع الأساسية.

لم يكن للإصلاحات الهيكلية بعد عام 1991 أي تأثيرات كبرى على القيمة التي أضافها المنتجون المصريون على السلع والخدمات التي عرضوها للبيع. وظل التركيز منصبًا على خدمات ومنتجات ذات قيمة مضافة منخفضة نسبيًا، وعلى المنتجات البترولية، وذلك حسب الفترة المعنية. وتركزت الاستثمارات على قطاع البترول، والذي يخلق فرص عمل قليلة. وظلت حصة الأشكال المختلفة من الإنفاق الريعي من الدخل المحلي والقومي كبيرة. وظلت البطالة، والبطالة الجزئية، وانعدام المساواة، الفقر، سمات ظاهرة في الاقتصاد المصري، وبلغت مستويات غير ظاهرة سوى بصفة جزئية في الأرقام الصادرة عن الحكومة والتي تعيد المؤسسات الدولية نشرها.

السياسيات الحالية

تماشيًا مع النظام الداخلي لصندوق النقد الدولي وأولوياته، فإن القرض طويل الأجل الممنوح لمصر في عام 2016 معني في الأساس بإرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي. وتضمنت الاتفاقية، بالإضافة إلى إجراءات مالية ونقدية، ما يسمى بإصلاحات هيكلية تُركَز على تطوير القطاع الخاص، ومن المفترض بها ضمان استقرار الاقتصاد الكلي على المدى الأبعد. وتسعى الإجراءات المالية، حسب العادة، إلى زيادة إيرادات الحكومة وتقليص الإنفاق. من حيث الإيرادات، تتضمن الإجراءات استحداث ضريبة القيمة المضافة (بدلًا من ضريبة المبيعات المفروضة منذ عقد التسعينات)، وهي مثل سائر الضرائب غير المباشرة تصاعدية بدلًا من أن تكون تنازلية. ومن المثير للانتباه تزامن هذه الإجراءات مع تقليص الحد الأعلى من ضريبة الدخل المفروضة على ذوي الدخل المرتفع. كما فُرضت ضرائب إضافية على العقارات، وأرباح الأسهم، والأرباح الرأسمالية، والعلاوات الإضافية لموظفي الحكومة والقطاع العام. ومن جانب الإنفاق، تضمنت الإجراءات المالية تقليص الدعم للأغذية والطاقة ولمجموع الإنفاق على أجور الموظفين الحكوميين. وتضمنت الإجراءات النقدية سياسات مشددة للإقراض وتعويم سعر صرف الجنيه وبالتالي تخفيض قيمته. وقد جرى هذه الإجراء الأخير قبيل البداية الرسمية للدعم المقدم من صندوق النقد الدولي، وذلك على مرحلتين في عامي 2015 و 2016؛ وأدت المرحلة الأخيرة إلى تخفيض سعر الصرف من 8 جنيهات لكل دولار إلى 16-18 جنيهًا لكل دولار. وختامًا، تؤكد الاتفاقية على النمو الشامل للجميع، وخلق فرص العمل، والحماية الاجتماعية، وخصوصًا للنساء واليافعين. وتتماشى شواغل صندوق النقد الدولي بصفة عامة مع الشواغل الواردة في اتفاقية الشراكة القطرية التي أُبرمت سابقًا مع البنك الدولي والتي أكدت على خلق فرص العمل في القطاع الخاص، والإدماج الاجتماعي، وتقديم الخدمات على نحو يركز على تحسين الحوكمة؛ وتستمر اتفاقية الشراكة القطرية الموقعة عام 2015 حتى عام 2019، وتبلغ قيمتها 8 مليارات دولار. وسمحت الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي لمصر الحصول على قروض إضافية بقيمة 3 مليار دولار من البنك الدولي، و 7-8 مليار دولار من جهات مانحة أخرى ثنائية أو متعددة الأطراف.

ومع ذلك، لا يمكن اختزال السياسات الاقتصادية تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي في البرامج والإصلاحات التي جرت تحت رعاية مؤسسات “بريتون وودز” على الرغم من تأثيرها الكبير. تستند السياسات الاقتصادية الحالية، إلى التدخلات الحكومية –بشكل أكبر مما كان عليه الحال في عقد التسعينات– في مجالات أخرى غير تصويب عجز الميزانية وميزان المدفوعات الخارجية؛ حيث لا تقتصر “التدخلات الحكومية” من هذه الناحية على الإجراءات التي تقررها وتنفذها الحكومة (أي مجلس الوزراء والرئيس)، بل يتوجب على جميع الجهات الفاعلة الأخرى خضوع إجراءاتها لتلك التدخلات.

أما الجهة الفاعلة الرئيسية في هذا المجال فهي القوات المسلحة، والتي تتألف جزئيًا من وحدات فرعية بإدارة ذاتية تعكس اختصاصاتها (الجيش، البحرية، سلاح الجو، خدمات المشتريات، إلخ)، وقد باتت بصفة جزئية إقطاعات شكّلها ضباط عديدون لأنفسهم ولحلفائهم. وليست القوات المسلحة مجرد “وكيل” لـ “صاحب ولاية” يدعى الدولة أو الحكومة، بل أن الجيش هو صاحب الولاية غير الرسمي للدولة التي تغطي أنشطته وتضفي عليها الشرعية. وبموجب الدستور الجديد نظريًا حُجبت ميزانية الجيش عن إشراف السلطات المدنية، ولكنها محجوبة فعليًا منذ الخمسينيات من القرن الماضي،  وباتت العديد من القرارات المتعلقة بالجيش تُتخذ من قبل عدد محدد من كبار الضباط أو الهيئات التي يسيطرون عليها. ورئيس الجمهورية نفسه هو ضابط من الجيش. وقد اتضحت هذه العلاقة المقلوبة اتضاحًا تامًا عندما عرضت القوات المسلحة علنًا تقديم قرض للحكومة.

وتمتلك القوات المسلحة عددًا كبيرًا من الشركات أو تسيطر عليها، ويُقدر إسهام هذه الشركات في الناتج القومي الإجمالي ما بين 30% إلى 40%. وهذه الشركات، مثلها مثل القوات المسلحة نفسها، لا تخضع للمساءلة أمام السلطات المدنية. وبعضها هي صناعات عسكرية تقليدية تنتج دبابات وأسلحة أخرى أو تقوم بتجميعها. ومع ذلك، ثمة شركات أخرى تنتج منتجات غير عسكرية وسلعًا استهلاكية، ومعظمها ولكن ليس جميعها مخصصة للسوق المحلي. وأقامت هذه الشركات منذ عام 2013 شراكات مع مستثمرين محليين وأجانب بغية اجتذاب رأس المال والاستفادة من نقل التكنولوجيا والمهارات. ومن الصعب التسوية بين هذا الانهماك في إنتاج السلع وتقديم الخدمات، بما في ذلك في مجال الإعلام وبالتالي تشكيل الرأي العام، وبين سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي تسعى –من حيث المبدأ– إلى تقليص حجم القطاع العام.

في الوقت نفسه، أعادت الأنشطة الاقتصادية للقوات المسلحة تشكيل القطاع الخاص، والذي يمكن تقسيمه إلى عنصرين، أحدهما مرتبط على نحو وثيق بالجيش، والآخر غير مرتبط به. العنصر الأول من رأسمالية المحاسيب لا يكون فيه رأس المال معرضًا للمنافسة أو قوى السوق. فعلى سبيل المثال، لا يمكن الطعن في المحكمة على عقود الشراء الحكومية. ورغم أن الفساد هو قضية أوسع، فلا يمكن عزله عن هذه التطورات المرتبطة على نحو وثيق مع السمة الاستبدادية للنظام السياسي. وفي تطور موازٍ، خسر رجال الأعمال المرتبطين بإدارة مبارك، وخصوصًا بجمال مبارك، جزء من نفوذهم، ومن بينهم أولئك الذين أُفرج عنهم من السجن وعادوا إلى العمل، مثل أحمد عز على سبيل المثال. ووفقًا للبنك الدولي، حصل القطاع العام خلال السنة المالية 2017/2018 على 69% من القروض المحلية، في حين حصلت الأسر المعيشية على 8%، والقطاع الخاص على 21%؛ ولا تُظهر هذه الأرقام حصة الشركات المرتبطة بالحكومة، بما في ذلك الجيش، من نسبة 21%.

وفيما يتجاوز إنتاج السلع، ظلت تدخلات الحكومة بما فيها القوات المسلحة ظاهرة بقوة في تخطيط وتنسيق البنى الأساسية الجديدة، لاسيما “المشاريع الكبرى” مثل العاصمة الإدارية الجديدة بالقرب من القاهرة، والقناة “الجديدة” في السويس. وتُقدر الكلفة الكلية للعاصمة الجديدة بـين أربعين وستين مليار دولار؛ في حين بلغت كلفة القناة 8.2 مليار دولار وفقًا للأرقام الرسمية. ورغم أن هذه المشاريع تستخدم أموالًا عامة، إلا أنها تعتمد أيضًا على استثمارات من القطاع الخاص، أو على اكتتاب عام كما في حالة القناة. ومع ذلك ترافق التخطيط والتنسيق مع دور ناشط، وحتى مهيمن، للقطاع العام والشركات الخاصة في إطار رأسمالية المحاسيب في تنفيذ المشاريع المعنية.

لقد تم السماح لتدخلات الحكومة في حجمها الحالي، إلى حد ما، من خلال تعديل وإعادة تعريف سياسات صندوق النقد الدولي خلال العقدين أو العقود الثلاثة الماضية. ولكن في الوقت نفسه، عكست هذه التدخلات قدرة الحكومة المصرية الحالية على التأثير على التصورات الأجنبية، أو حتى تشكيلها، بخصوص الأنشطة التي تقوم بها. وبما أن مصر تحتل موقعًا جغرافيًا “استراتيجيًا” بنظر الخارج، فقد استفادت من دعم أجنبي في مراحل مختلفة من تاريخها –رغم أن هذا الموقع “الاستراتيجي” دفع البريطانيين لاحتلالها سابقًا. وبالإضافة إلى استغلال المشاركة المصرية في حرب الكويت في عام 1991، تمكن الرئيس مبارك في مناسبات متعددة من إعادة التفاوض على الشروط التي تنطبق على المساعدات والدعم من صندوق النقد والبنك الدولي. وفي مرحلة أبكر، تمكن الرئيس عبد الناصر على امتداد أكثر من عقد من الزمن من الحصول على مساعدات عسكرية وإنمائية سوفييتية إضافة إلى كميات كبيرة من القمح الأمريكي المدعوم بشدة من دافعي الضرائب الأمريكيين، كما استطاع أيضا أن يحصل على دعم صندوق النقد مرتين، غير أن المرة الثانية تحولت الاتفاقية إلى “وثيقة ميتة”.

وتمكن القادة المصريين على مر العقود، وعلى نحو متزايد، من تصوير أنفسهم كخصوم رئيسيين للإسلاميين الذين يعتبرهم الأمريكيون والأوروبيون تهديدًا رئيسيًا. ومع ذلك أكدت إدارة السيسي أكثر من الإدارات السابقة على مساهمتها في الكفاح العالمي ضد الإرهاب، إذ وجدت أن مصلحتها تقتضي وصم جميع الإسلاميين، وحتى المدافعين عن حقوق الإنسان، بالإرهاب. وفي الوقت نفسه، باتت البيئة العالمية الحالية المتعددة الأقطاب توفر لمصر خيارات متزايدة لإقامة الشراكات. وإذا كان الدعم من روسيا والصين لا يحل محل الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الوقت الحالي، فيمكن استخدامه مع ذلك كوسيلة في التفاوض مع القوى الدولية.

أخيرًا وليس آخرًا، تتسم مصر بهشاشة اقتصادية مستمرة، وقد تم حجب هذه الهشاشة في مناسبات مختلفة وإن يكن مؤقتًا من خلال مبادرات من قبيل الخطة الخمسية التي وضعها عبد الناصر في عام 1960، والعودة إلى إرساء التوازن على الاقتصاد الكلي في عقد التسعينات، والاعتماد على النمو القائم على الصناعات البترولية بعد عام 2004، وقد ترافق ذلك مع نمو سكاني مستمر، مما خلق تصورًا واسع النطاق ويتم الترويج له رسميًا بأن مصر كبيرة جدًا ولا يجب السماح بأن تفشل. ويسعى صندوق النقد الدولي وكبار المساهمين فيه في شمال أفريقيا وأوروبا الغربية إلى تجنب تفكك الدولة المصرية، وحدوث اضطرابات داخلية، وزيادة الهجرة الدولية، رغم أن سياسات هذه الجهات ربما تعجل بحدوث مثل هذه النتائج بدلًا من كبحها. وتمكنت الحكومة المصرية الحالية، أكثر من الحكومات التي سبقتها، من انتزاع ريع استراتيجي “إيجابي” فقط من حلفائها الأجانب مقابل الخدمات التي تقدمها، إلا أنها تنتزع أيضًا ريعًا استراتيجيًا “سلبيًا” جراء الفوضى التي تزعم بأنها تمنعها.

وعلى الرغم من حركات الهبوط والصعود العديدة، استمرت الموازنة الحكومية والاقتصاد بشكل عام من الاستفادة من أشكال ريع أخرى أيضًا، إلا أنه تم استدعاء صندوق النقد الدولي مؤخرا في اللحظة التي بدأت تتناقص فيها كميات الريع من السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. وعمدت الحكومات الخليجية الثلاث، وخصوصًا السعودية، بحلول عام 2016 إلى تقليص مساعداتها إلى حد كبير ولأسباب متنوعة، وقد بلغت هذه المساعدات في السنوات الثلاث التي تلت الانقلاب العسكري 25 مليار دولار أو أكثر. وكان سعر النفط والعائدات التي حصلت عليها تلك الدول متغيراً هاما في تقليص المساعدات، ولكنه تأثر أيضًا بالسياسة الخارجية المصرية التي لم تتوافق مع التوقعات السعودية في سوريا أولًا ثم في اليمن وبصفة أعم فيما يخص إيران. ومع ذلك، استمرت مصر في الاستفادة من التحويلات النقدية الرسمية والاستثمارات المتصلة بالبترول، من البلدان العربية المنتجة للنفط، إضافة إلى مساعدات من الصين والولايات المتحدة والدول الصناعية الكبرى؛ وكذلك من الدخل المتأتي من بيع المنتجات البترولية في السوق المحلي؛ ومن أرباح قناة السويس (التي بدأت تتراجع). وعلى الرغم من تراجع الإيرادات من السياحة، إلا أنه يمكن اعتبارها جزئيًا إيرادات ريعية أيضًا.

ويظل الريع بأشكاله المتنوعة عاملًا رئيسيًا في تزويد الحكومة بمجال مناورة، وإن يكن محدودًا، مما يساعدها في معالجة انعدام التوازن في الاقتصاد الكلي الذي تحاول الإصلاحات المُستَلهمة من صندوق النقد الدولي معالجته، وهو مجال يتيح للسلطات المصرية الحد من التأثيرات الاجتماعية السلبية قصيرة الأجل. ولكن على المدى البعيد، فإن الريع يمنع التحول من مجرد “تخصيص” الموارد إلى “الإنتاج” الفعلي للثروة. وعلاوةً على التأثيرات الجانبية السلبية لهذا الريع، من قبيل التراجع في قطاعات معينة، فإن الريع هو مصدر غير مستقر للدخل، إذ أن كل أنواع الريع تخضع لتطورات خارج سيطرة الحكومة المصرية.

التأثير على السياسات الحالية

على المدى القصير

وفقًا للأرقام الصادرة عن الحكومة المصرية وعن المؤسسات المالية الدولية، ووفقًا لتقييمات متفاوتة في مدى موثوقيتها بشأن هذه الأرقام، حققت مساعي إرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي بعضًا من التأثيرات المنشودة. فقد تراجع عجز الميزانية من أكثر من 12% بعد سقوط نظام مبارك إلى 8.1% في السنة المالية 2019-2018، ويعود ذلك بصفة رئيسية للاقتطاعات في دعم الطاقة وفاتورة موظفي الحكومة (مع ذلك ظل دعم الطاقة يمثل حوالي 20% من الإنفاق الحكومي، في مقابل 10% للاستثمار). وتم تقليص العجز الحالي في المدفوعات من 6% في السنة المالية 2016-2017 إلى 2.4% في السنة المالية 2017-2018. وتقلصت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من حوالي 107% إلى حوالي 97%. ومعظم الدين هو دين محلي –بنسبة 78% من الناتج المحلي الإجمالي– ولا تتغير قيمته مع تغيّر سعر صرف الجنيه، إلا أنه قد يؤثر على قدرة القطاع الخاص على الاقتراض. أما التضخم، والذي وصل إلى أكثر من 30% بعد تخفيض العملة المصرية، وظل مقارب لنسبة 15% في أواسط عام 2018، فقد انخفض إلى 12% في بدايات عام 2019، ولكن على حساب ارتفاع معدلات الفائدة وبالتالي تقليص حجم الاستثمار. وبلغ النمو الاقتصادي الحقيقي أكثر قليلًا من 2% في عام 2011، وبلغ 4.3% بعد عام 2015، ووصل 5.3% في السنة المالية 2018-2019. وبلغ حجم احتياطيات العملة الصعبة حوالي 44 مليار دولار في عام 2019، وهو الرقم المكافئ لحوالي ستة أشهر من الواردات. ومن المتوقع نمو الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2014 إلى ما بين 4-5% في عام 2019، وتتركز أغلب الاستثمار في الصناعات النفطية.

حين ننتقل للحديث عن الأهداف الأخرى للاتفاقية المبرمة في 2016، نلاحظ أن تقدمًا أقل بكثير، مع مراعاة تواضع وثانوية تأثيرها فيما يتعلق بإرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي. ففيما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية، تُظهر الأرقام الواردة أعلاه صعوبة حصول القطاع الخاص على الائتمان. وفي الوقت نفسه، لم تتم معالجة قضايا من قبيل استمرار التصحر، وتأثير تغير المناخ، أو انبعاثات الكربون (والتي تصل إلى ضعفي المعدل العالمي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي).

كذا لم تساهم السياسات الحالية بتحسين الرفاهية المادية للمصريين العاديين، أكثر مما ساهمت به الإجراءات التي جرت في تسعينيات القرن الماضي، ولم تساهم أيضًا في تعزيز التماسك الاجتماعي. وحتى الآن لا تزال مصر أبعد ما تكون عن خلق وظائف لما يقارب 700,000 – 800,000 مواطن ممن يدخلون سوق العمل سنويًا. ولم تتحسن الظروف التي تتيح للمرأة العثور على عمل لائق. ولا يكفي النمو السنوي الأخير الذي يبلغ حوالي 5.3% لخلق فرص العمل اللازمة. ومع ذلك، ليس بالضرورة أن تؤدي معدلات نمو أعلى إلى خلق فرص عمل أكثر. فالاستثمارات كثيفة رأس المال في الصناعات البترولية تخلق فرص عمل قليلة. والأمر نفسه ينطبق على “المشاريع الكبرى” التي تفضلها الحكومة، ولكنها تجري دون أي دراسات جدوى ذات قيمة. أما معدلات البطالة والبطالة الجزئية فهي أعلى كثيرًا من الأرقام الرسمية التي تشير إلى 10-12%. وتزيد معدلات البطالة بصفة خاصة بين النساء والشباب. وتُظهر الأرقام منذ عقد التسعينيات بأن المساعي الرامية إلى تحديد الوظائف العامة أو حتى تقليصها تضر في المقام الأول بالنساء والشباب.

لم يتم التعويض عن قلة فرص العمل المتوفرة بسياسات أخرى ترمي إلى الحد من الفقر وانعدام المساواة. وقد ارتفعت الأجور والمعاشات بعد عام 2014، ولكن بالكاد تكفي الزيادات للتعويض عن تآكل الأجور الناجم عن التضخم، بل تفاقم الوضع من جراء الاقتطاعات في دعم الأغذية والطاقة؛ وفي الواقع العملي، قد يكون تأثير هذه الاقتطاعات أقل اتساعًا مما أعلن عنه، ولكن في الوقت نفسه نجم عن استحداث البطاقات الذكية للحصول على السلع المدعومة تأثيرات جانبية سلبية. فحصص الأغذية وغيرها من الاستحقاقات المستهدفة، وهي إجراءات حديثة العهد، للأشخاص المعترف رسميًا بكونهم فقراء تفشل في مساعدة الناس الذين يتجاوز دخلهم خط الفقر. أما برامج التحويلات النقدية التي استُحدثت منذ التسعينيات فلا تصل إلى أكثر من 10% من فئة الخمس الأدنى دخلًا. وقد ساءت الأوضاع خلال السنوات القليلة الماضية في بعض المجالات مثل إمكانية الحصول على مياه الشرب. وتكمن السلوى الوحيدة للعديد من المصريين في الأرقام الرسمية التي تطبق خط فقر غير واقعي مما يقلص العدد الرسمي للفقراء من 70% من السكان إلى 33%. وتستمر مؤشرات الفقر، مثلها مثل سائر المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، في إظهار انقسام مهم بين المناطق الأفضل حالًا في البلد من قبيل القاهرة والدلتا، وبين المناطق الأخرى في الصعيد وجنوب العاصمة بصفة عامة.

على المدى البعيد

كما هو الحال في السابق، سلّم مناصرو إرساء الاستقرار على الاقتصاد الكلي بأن إجراءات التقشف تؤدي إلى تأثيرات سلبية على رفاهية المواطنين في المدى القصير، ولكنهم اعتبروها شرطًا مسبقًا ضروريًا لتحقيق تحسن على المدى الأبعد. وبطبيعة الحال، تظل هذه التحسينات طويلة الأجل أمرًا نظريًا إلى حد بعيد في هذه المرحلة. ولكن استنادًا إلى الخبرات الأقدم عهدًا في مصر وفي أماكن أخرى، يبدو من غير المرجح أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تحقيق أية مكتسبات عامة في رفاهية المواطنين. وحتى لو كان يوجد من ناحية اقتصادية رابطة طويلة الأجل بين إرساء الاستقرار وبين رفاهية المواطنين، فإن الحكم الاستبدادي كالذي يوجد في مصر يتحقق على حساب الشفافية والمساءلة، وهما شرطان مهمان للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الأكثر شمولًا للجميع.

بالتالي، على الأرجح أن السياسات المُستلهمة من صندوق النقد الدولي، ورغم تأثيرها المحتمل في تخفيف الاعتماد على الريع، لن تعمل على الحد من التوزيع غير المتساوي للدخل والثروة ولن تخفف الفقر إلى حد كبير. والأرجحية أكبر بأنها ستسهم في توسيع الفجوة بين الخمس الأعلى والخمس الأدنى من الدخل، والتي ربما كانت أصلًا أعلى كثيرًا مما تعكسه الإحصاءات الرسمية ومعامل جيني المنخفض نسبيًا، والذي يتراوح بين 29-32 نقطة (إذ تدل . على الحد الأقصى من المساواة، بينما تدل 100 على الحد الأقصى من انعدام المساواة). وليس ثمة سبب يدعو للاعتقاد بأن هذه الإجراءات ستشجع القطاع الخاص على خلق وظائف أكثر وأفضل مما كان سابقًا. ففرص العمل في القطاع الخاص لم تعوض عن خسارة الوظائف في القطاع العام والحكومة لا في عقد التسعينيات ولا لاحقًا، وهي حقيقة تؤكدها المؤسسات المالية الدولية نفسها. وإذا حدث أي تعويض على الإطلاق، فقد كان من القطاع غير الرسمي والذي يبلغ، حسب تقديرات متفاوتة، ما بين 30% و50% من الاقتصاد (ولابد من الإشارة هنا إلى أنه، وبحكم تعريف الاقتصاد غير الرسمي، فيعد من المستحيل قياسه ومن الصعب تقديره).

وقد يستمر تأجيج الشعور العام بغياب العدالة الاجتماعية؛ جراء انعدام المساواة والفقر، إضافة إلى آليات الإقصاء الأخرى من قبيل السيطرة المحكمة على الوصول إلى الأسواق، وتهميش أصحاب رؤوس الأموال ممن لا يتوفر لهم نفوذ سياسي. وقد تكون نتائج ذلك إما شبيهة بما حدث في احتجاجات عام 2011، أو مزيد من الإحباط المستشري والسخط والهجرة. وعندما يصبح “الولاء” من خلال الاستمالة والمشاركة خيارًا غير مطروح، ستصبح الخيارات التي أشار إليها الباحث هيرشمان مقتصرة على نحو متزايد على “الاحتجاج” [على الوضع السائد بقصد تصويبه] أو “الخروج” [من اللعبة السياسية بأكملها عبر الهجرة].

إذا، وعندما، يفقد الخطاب القومي الحالي جاذبيته الشعبية، والذي يصور الجيش كمؤسسة باسلة تحمي المصريين من جماعة الإخوان المسلمين “الإرهابية”، قد تضطر الحكومة إلى زيادة استخدامها للقمع. وسيصبح السؤال حينها إلى أي مدى سينجح القمع في منع أو هزيمة الاحتجاجات مثل تلك التي خرجت في سبتمبر 2019، أو إلى أي مدى سيتمكن من منعها من الانتشار والاشتداد. أما “العقد الاجتماعي” الذي طالما تشدقت به السلطات، والذي تبخّر منذ عقود، وفي الحقيقة كان وهمًا منذ البداية، فسيظهر للعلن بأنه وسيلة قمع مُقنّعة. ومن المفترض أن العقد الاجتماعي القديم الذي تشكل في حقبة عبد الناصر يتمثل بصفقة تخلت بموجبها بعض الفئات الاجتماعية عن حقها في المشاركة السياسية، لاسيما الموظفين الحكوميين وعمال القطاع العام والفلاحين، في مقابل حصولها على مكتسبات في الرفاهية المعيشية، بيد أن هذا العقد الاجتماعي ما هو إلا سلسلة من السياسيات المفروضة من الأعلى للأسفل قلصت الحاجة إلى القمع من خلال توفير درجة من التعاون.

وبصرف النظر عن أهداف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لم يتحقق تقدم حقيقي في تحويل المخرجات الاقتصادية نحو منتجات وخدمات ذات قيمة مضافة أعلى (فيما عدا المنتجات التي تعتمد على مكونات مستوردة عالية التقنية) يمكنها أن تحل محل تصدير النفط والعديد من المنتجات ذات القيمة المضافة المتدنية، والتي ما عاد بوسع مصر المنافسة في إنتاجها (فالعديد من المنسوجات التي تباع في مصر حاليًا منتجة في شرق آسيا). ومن دون شك، سيتطلب مثل هذا التغيير كي يتبلور وقتًا أطول بكثير مما تتطلبه المشاريع التي يتركز عليها الاهتمام حاليًا مثل الطرق والجسور الجديدة، والعاصمة الجديدة، والقناة “الجديدة”. كما سيتطلب استثمارًا برأس المال البشري، خصوصًا التعليم والتعليم العالي. وسيتعين أن يركز التعليم على التفكير النقدي بدلًا من التكرار والتلقين، وبدلًا من تواجد الشرطة في حرم الجامعات. وبوسعنا أن نضيف بأن المؤسسات المالية الدولية لم تلاحظ حتى الآن أي مكتسبات في الإنتاجية في الاقتصاد المصري الذي ظل يعاني منذ مدة طويلة من تدني الإنتاجية.

خلاصة

تدل الأحداث والتطورات على أن مصر تواصل الموازنة بين الأزمات وتسعى للتغلب عليها. ولا يعد الانهيار أمرًا مستبعدًا ولكنه غير مرجح طالما استمر تدفق الدعم الأجنبي. مع ذلك، لا يوجد سوى أمل ضئيل في حدوث تحسن، فيما عدا ما يخص مؤشرات الاقتصاد الكلي، وحتى التحسن في هذه المؤشرات فقد يكون مؤقتًا. ونظرًا إلى العجز المتكرر في ميزان المدفوعات والموازنة العامة وأزمة الدين، قد تتطلب مصر جولة أخرى من الإجراءات لإرساء الاستقرار بعد بضعة سنوات، طالما وجد المانحون أن ضخ المزيد من الأموال هو أمر مفيد ومبرر.

مع ذلك، يجدر بنا أن نتذكر أن الحكومات السابقة لم تقترب أبدًا من هدف وضع مصر على مسار التنمية المستدامة. فجوانب النقص والإخفاق الحالية نجمت عن العديد من جوانب القصور التي حدثت سابقًا؛ ورغم أن جوانب النقص والإخفاق ناتجة جزئيًا عن سياسات فاشلة وغير ملائمة، إلا أنها مرتبطة على نحو وثيق أيضًا بالقيود، بما فيها القيود الأجنبية، التي تُصاغ وتُنفّذ ضمنها السياسات في مصر وفي غيرها من البلدان “النامية”.

شكر وتقدير

هذا المقال هو ترجمة لورقة تم طرحها في أحد المؤتمرات التى عقدت في عام 2019.

Read this post in: English

اظهر المزيد

إيبرهارد كينل

هو أستاذ دكتور باحث بمركز الدراسات الدولية، معهد العلوم السياسية، باريس، مختص بدراسة الأبعاد السياسية والاقتصادية بمجتمعات الشرق الأوسط، ويركز على تحول الأنظمة السياسية في سياق الاضطرابات التي تمر بها المنطقة منذ بداية الانتفاضات العربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى